مثل شعبي يمثل الخروج عن القواعد الضابطة لمختلف العلاقات الاجتماعية فيصبح منطق القوة هو القانون السائد بل المحدد لها، لذلك أصبح مجرد حبر على ورق يصنف في خانة «الماضي الجميل» او كما يقال عندنا «بكري» سواء كان شرعيا أو تشريعيا او أخلاقيا، حركية المجتمع المتسارعة وكل الجنون التكنولوجي في زماننا هذا أدخل الانسان بُعدا آخر لم يعرفه اسلافه من قبل، منحه جرأة المحاولة لتجاوز الفطرة الإنسانية التي خُلق عليها.
ولأننا جزء من هذا المجتمع العالمي كثيرا ما يصطدم الجيل الحالي مع المفاهيم الأخلاقية الاجتماعية في صورة تعكس تفاصيلها الصدع الكبير الموجود بين مختلف الأجيال، ما استحدث داخل المجتمع قانونا جديدا بعيد عن المنطق الإنساني لتكون القوة مهما كان نوعها هي رأس الحربة في تعاملاتنا الاجتماعية لدرجة ان « «طاڨ على من طاڨ» تحولت الى شريعة تتحكم حتى في نواته أو لبنته الاساسية.
فبها تسيَّد التاجر وتلاعب بأسعار السوق واستولى على السلع المدعمة ليزاحم الأغنياء وأصحاب المصانع الفقراء في فتاتهم، وبها سيطر «الباركينغور» على الأرصفة وأحكم قبضته عليها بـ»عصا» يستعملها كسلاح لمن «عصى» قانونه الخاص، وبها أيضا سرق الأخ ميراث اخته ورمى بها الى شارع لا يرحم ترعى فيه وحوش بشرية تقتات على لحم المستضعفين في الأرض.
بعيدا عن «الفنتازيا» الفكرية تبنى الضمير الجمعي «داروينية» اجتماعية البقاء فيها ليس للأصلح وانما للأقوى، لتصبح «العنصرية» المؤسسة على القوة ظاهرة اجتماعية سائدة في مختلف سلوكياتنا اليومية، ليتحول المال والنفوذ في يد صاحبها الى «خاتم سيدنا سليمان» يحقق الاماني الصعبة ويشق «طريقا في البحر» عجز البسطاء عن السباحة فيه.
لذلك علينا استجماع قوانا الفكرية من اجل وضع «خارطة طريق» لاستعادة إنسانية المجتمع المفقودة في دهاليز تكنولوجيا عالمية لا مكان فيها لكل ما هو مغاير لتوجهاتها ومشروعها الخفي في اقامة عبودية جديدة لا يحتاج فيها الى احتلال الأراضي وإخراج شعوبها منها، هو بحاجة فقط الى عبقرية «شيطانية» حوّلت المال والنفوذ الى «آلهة» من الحضارات القديمة تُعبد بكبسة زر.