اجتماع دول الجوار اللّيبي بالجزائر، أمس، يعتبر أوّل خطوة فعّالة من أجل حلحلة الأزمة الليبية التي طال بها الزمن دون أن ترسم خيط أمل في أفق الشعب الليبي الشقيق الذي يعاني الأمرّين مما اصطنعت له آلة البؤس العالمية..
ولا نشكّ مطلقا بأن لدول الجوار دورها الحيوي الذي ينبغي أن تضطلع به في تخليص ليبيا من لعبة الأمم، واستخلاصها من عبث الكولونياليات الجديدة التي تسعى إلى تمرير متصوّراتها الاستراتيجية على حساب الشعوب، وغير ممكن أن يتقبّل الجوار الليبي الظلم المسلط على شعب كامل، في زمن يقال إن مبتغاه الأسمى حقّ الانسان في الحياة، وانشغاله الدائم رفعته وكرامته.
لقد ظلت المسألة الليبية، منذ عقد من الزمن، حقل عبث دولي، وميدان سباق إلى تحقيق مصالح ضيقة بدماء المغلوبين على أمرهم، ولهذا، فإن اجتماع الجزائر، أمس، ليس سوى إيذان بنهاية (معركة المصالح)، وبداية عهد جديد في البحث الجدّي عن حلحلة العويص، وتقريب المتباعد، وحقن الدماء الطاهرة.. فالوضع في ليبيا الشقيقة مؤلم للغاية، والجوار الليبي تحمّل مسؤولياته درءا للمفاسد التي عمّت، والمخاطر التي أحدقت..
ونعتقد أن المأساة الليبية ستجد سبيلها إلى الانفراج، ما دامت الديبلوماسية الجزائرية، برفقة الدول الشقيقة، تحرص على إنهائها؛ فليس من مصلحة هنا سوى ضمان أمن واستقرار ليبيا، وتحقيق السلم الدائم بين أبناء الوطن الواحد، ولقد كان لعمامرة واضحا في كلمته، حين أكد أن مسار المصالحة الليبية يحتاج إلى تخليص التراب الليبي من جميع المرتزقة، وسحب القوات الأجنبية..
يجب على هذا العالم أن يفهم بأن عصر استعباد البشر قد ولى، وأن المصالح الصغيرة للكولونياليات المتوحشة لم يعد لديها ما يبرّرها.. وأن الحق في الحياة، ليس مجرد شعار براق، وإنما هو واقع يعمل على تحقيقه الصالحون..