يعرف كثير منا مصاصي دماء ارتبطت اسماؤهم بأساطير وخرافات وثقتها السينما العالمية بأفلام رعب ودراما تروي قصص موتى يعيشون على دماء الاحياء من البشر، لكننا في المقابل يجهل كثير منا وجود مصاصين للطاقة الإيجابية يعيشون على محبة الاخرين بسبب فراغ عاطفي يسيطر عليهم لدرجة شعورهم «بلا-كينونة»، غالبا ما تكون سببا مباشرا في تعلق الشخص بالآخرين من اجل العيش على الحب الذي يمنحه له الاخر والصداقة لأنه عاجز عن اثارة شعور بالإيجابية داخله.
لن يكون من السهل الخروج من حالة الفراغ العاطفي لذلك نجد من يعانيها يلجأ الى حلول ظرفية لحظية ومؤقتة تتلاشى بمجرد الخروج من تلك الحالة النفسية، فحتى وان كان الجميع يمنحونه الحب والايجابية سيعود الى حالة الفراغ والضياع العاطفي بمجرد الابتعاد عن الأصدقاء مصدر سعادته الظرفية.
لذلك علينا ان نجد المعنى الحقيقي للحياة بعيدا عن مصدر مؤقت لمشاعر إيجابية لا تسد عطشنا العاطفي، لان الحب شعور بالانتماء الى ذات تعيش الاغتراب الروحي داخلنا فتتكون بسبب ذلك طاقة سلبية تنعكس قوتها في أفعال وسلوكيات مؤذية بسبب العنف المعنوي الذي تمارسه على الآخر مهما كانت درجة قرابته او قربه من يعاني السلبية.
احتواء الذات، احتضانها والطبطبة عليها مفاتيح لتشحنها بإيجابية متوهجة تمنحك طريقا مفتوحا على جوهرك، تتجلى فيه صورة واضحة عن الماضي، الحاضر والمستقبل، تلتئم فيها كل الجروح لتصبح تجارب إنسانية تمنحك القوة اللازمة للمضي قدما نحو تحقيق الذات بعيدا عن الضعف وانعدام الثقة، الطاقة الإيجابية إذا حب وعطاء وتفاؤل اما السلبية فهي أخذ، بغض وكراهية.
اليوم ونحن نعيش منعرجا خطيرا كمجتمع، علينا ان ندرك اننا امام لصوصية من نوع خاص لا تسرق المجوهرات والاحجار الكريمة، بل تتربص بما هو أكبر وأثمن لا يتواجد ما تبحث عنه بالبنوك والخزائن الحديدية، بل داخل كل واحد منّا هي طاقة إيجابية تمنح صاحبها القوة لتجاوز الصعاب والعقبات، إيجابية تكسر المؤامرات والدسائس، تكفي قوتها للمضي وسط النار لبلوغ الهدف، يجب المحافظة على هذا الكنز الدفين داخل كل واحد منا بإبعاد خريطة قلوبنا عن لصوص يقتلون الروح قبل الجسد.