الوجه الآخر

الاختلاف والاقصاء

فتيحة كلواز
27 أوث 2021

يبقى الاختلاف وتقبُل الآخر معضلة حقيقية نعيشها في الكثير من سلوكياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، بل أصبحت في السنوات الأخيرة أحد اهم المعوقات أمام الفرد داخل تكوين اجتماعي مطالب بالتعايش الإيجابي مع جميع مكوناته الموجودة، لذلك يصطدم أغلبنا في كثير من المرات بالرفض والاقصاء.
بالرغم من كون الفروق الموجودة صفة طبيعية في كل المخلوقات الا اننا لم نستطع الخروج عن تعريف «الآخر» بانه نسخة طبق الأصل، وأي اختلاف موجود فيه يعتبر مبررا قويا لرفض ربط علاقة اجتماعية معه لا يزعزع تعنته وشدته الا مصلحة مشتركة تُظهر تعايشا إيجابيا وتُبطن مَقتا سلبيا، بل حجة دامغة للتشكيك في الآخر وطعن شرفه، فغالبا ما يكون الشرف والعرض سلاح الضعفاء والجبناء ممن فشلوا في مواجهة اختلاف الآخر.
تنتشر ثقافة رفض الاخر بقوة في الوسائط الاجتماعية التي تعج بثقافة اقصائية لكل ما هو مختلف، فبالرغم من اننا كمجتمع عرف تعايشا عبر قرون طويلة مع كثير من الحضارات الا اننا اليوم امام عنف من الدرجة الأولى يحاول البعض توظيفه من اجل غرس الفرقة وتقسيم الجزائر ترابيا وإقليميا، سبقه تقسيم ممنهج للتركيبة الاجتماعية حتى أصبحت «الجهوية» مقياسا للكثير من التعاملات الإدارية.
الأخطر في ثقافة رفض الاختلاف او الآخر هو شعار يتبناه كثيرون « لست مثلي اذن انت عدوي» بسبب تضارب المصالح وتصادمها، بل نجدها في بعض الأحيان واحدة لكن العزوف عن إدراك المصلحة العليا الجامعة، يجعل الصارع مع «الآخر» في أقصى تجليات الفكر الاقصائي ليتحول الاختلاف بذلك الى ذريعة لشن حروب «معنوية» على الآخر قد تنتهي بعنف جسدي يكون سببا مباشرا في غرق الجميع دون استثناء.
علينا ان نضع مشروع بناء مجتمع سوي كأولوية الأولويات لأنه ركيزة نجاح أي تطور اقتصاديا كان او سياسيا او رياضيا، لان بناء الفرد هو حجر أساس أي مشروع حضاري وعلمي لأي مجتمع كان، فالتجارب الإنسانية السابقة لمختلف الشعوب اثبتت ان التاريخ لا مكان فيه لهؤلاء الا الهامش، بل أبانت عن حقيقة واضحة ان المستقبل لا يبنى الا بـ»الانا» و «الآخر» .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024