خلفت حرائق الغابات المهولة التي عرفتها بعض ولايات الجزائر مؤخرا، خسائر كبيرة جدا، كيف لا وقد رأينا صورا مروعة لحيوانات متفحمة وجبالا عارية تحولت لكتل من رماد بعدما كانت في الماضي القريب فقط تكسوها حلة خضراء تتزين بها مناطق الجزائر المختلفة، إلا أن أعداء الجزائر أزعجهم جمالها، فأبوا إلا أن يحرقوا الجزائريين ويشوهوا مناظر الطبيعة الخلابة بجريمة مكتملة الأركان.
هذه الحرائق التي أتت على الغطاء النباتي والحياة البرية، وقد تتفاقم آثارها أكثر مع قدوم فصل الشتاء أين تكثر انزلاقات وانجراف التربة، وبالتالي يبقى الحل في الإسراع برسم وإطلاق عمليات تشجير واسعة، كون البكاء على الأطلال لا ينفع. ولا يعني هذا غلق ملف حرق الشعب الجزائري، بل تترك الجهات المعنية تقوم بعملها من خلال البحث والتحري للوصول الى المجرمين المتورطين في هذه الجريمة ومن ثمة تسليط أقسى العقوبات عليهم. أما نحن فواجبنا العمل والتأكيد لأعداء الوطن، أن الجزائر لم ولن تنكسر رغم كيدكم.
الجزائر من البلدان التي تعاني من ظاهرة التصحر ويكفي أن أكثر من 80% من مساحتها عبارة عن صحراء، وتفقد سنويا مئات الهكتارات نتيجة زحف الرمال نحو الشمال، ناهيك عن خسارة كل عام ما بين 30 إلى 40 ألف هكتار من الغابات جراء الحرائق، وبالتالي فإن الحل يكمن في التشجير المستمر. ولعل مشروع السد الأخضر الذي أقامته الجزائر بداية سبعينيات القرن الماضي خير دليل على ذلك، أين شكل هذا الحزام جدار صد أمام الرمال الزاحفة، لكنه، للأسف، تعرض ولا يزال للتخريب الممنهج من أعداء الطبيعة من خلال نهب الثروة الخشبية والحرائق لاستغلال الفخم وغيرها.
بالموازاة حان الوقت لاستكمال مشروع السد الأخضر الذي يندرج في إطار المبادرة الأفريقية «الجدار الأخضر الكبير»، الهادفة إلى مكافحة آثار التغيّر المناخي والتصحّر. ولهذا، التشجير لا يعني غرس شجيرات وإنما يعني الملايين منها عبر مراحل زمنية، بإشراك المواطنين ومختلف الفواعل والأسلاك في عمل وطني تطوعي ينبغي أن يندرج في إطار التنمية المستدامة.