تعدّدت فنون الكلامولوجيا في استشراف مناهج وأساليب استرجاع المساحات الغابية التي أكلتها النيران. ولقد أدلى الفسابكة – كما هي عادتهم – بدلائهم في الموضوع، فأشاروا واقترحوا ودعوا وطالبوا، واستنتجوا، وخمّنوا وفكّروا وهلمّ جرّا من الأفعال التي لا تخضع لمبدإ (الملاءمة وعدم الملاءمة) إلا في القليل النادر. فالغالب – كما هي حال التّواصل الاجتماعي - هو أن (الفسبوك) غير المتخصّص، يحظى بمباركة الفسابكة غير المتخصصين، بحكم رابطة القربى العقلية، وبما أن هؤلاء يمثلون أغلبية، فإنّ ما يتداولونه، اعتقادا منهم أنه (آراء حصيفة)، يتحوّل إلى واقع افتراضي مفروض، يطلع من كلّ حدب وصوب، ويغمر آراء المتخصّصين الذين لا يظهر لهم أثر، ولا يسمع عنهم أحد..
وإلى هنا، كلّ شيء جميل.. غير أن الفاس تقع في الراس، حين يقع الكلامولوجي بين يدي مسؤول يكون هو الآخر ممن يفهمون الفسبوك (بحكم الرابطة طبعا)، فيطبق ما يقرأ، ثم تزغرد انشراح، ولا يهمّها (ما راح..)، وتستمر الحياة..
إن الكلام الذي ينشر بمواقع التواصل الاجتماعي ليس مجرد (قصرات) في مقاهي، ولا مسامرات وسهرات مغلقة تذهب مع انقلاب الصفحة، فالكلام هنا وحدات تتراكم، ومعلومات تتلاءم، فترسم عقلية أبناء البلد، وأسلوب تفكيرهم، وطريقة معيشتهم، بل ترسم صورة البلد كاملة، ولو يتاح لنا الاطلاع على الصورة التي نرسمها كل يوم عن أنفسنا في مواقع التواصل الاجتماعي، لوجدناها قاتمة لا تسرّ، ولاكتشفنا مقدار المأساة التي صنعناها لأنفسنا، ونحن نضيف كل يوم خطوطا بشعة إلى ملامحنا، ونمعن في إبراز معايبنا، ثم نخرج من المواقع ونحن نحسّ بالزّهو والخيلاء، معتقدين بأنّنا حققنا النصر المبين..
ولا تهمّنا صورة الفسبوك، وحقه أن يفعل بنفسه ما يشاء، ولكن، صورة البلد مسؤولية الجميع، وهذه ينبغي أن تضع لها السلطات المعنية حدودها وأدوات حمايتها.. قبل زغرودة انشراح..