رجال الحماية المدنية أو «فرسان النار» الذين يتواجدون على الأرض، إلى جانب أفراد الجيش ومواطنين، في مواجهة حرائق إجرامية تطفئ لهيبها حركة تضامنية وطنية واسعة منقطعة النظير، يستحقون التنويه، أكثر من مجرد ظهور «بعضهم» على بلاطوهات ومنابر إعلامية، بينما الكلمة ينبغي أن تعود لمن هم على الأرض بين الأدغال يقارعون اللهب بكل تداعياته ومخاطره.
دروس كثيرة تستخلص من هذه المحنة ومن بينها اعتماد مقاربة اتصال حديثة بعيدا عن لغة مكاتب ومواقع افتراضية، بحيث يستحق «فارس النار»، حامل خراطيم المياه وأغصان الأشجار لإسكات ألسنة اللهب، أن يكون هو في صدارة المشهد الإعلامي ومن ثمة تسليط الضوء على واقع مهنة رجل المطافئ وكل الجوانب المحيطة بحياته اليومية وبالأخص مناهج التكوين والتأهيل ووسائل التدخل.
الكلمة ينبغي أن تعود لمن ينجز تلك المهام الصعبة وأحيانا بوسائل بسيطة، حيث لا مجال فيها للكلام المسترسل بقدر ما تعكس تمرّس أشاوس يمكن الرفع من أدائهم إذا ما توفرت الشروط اللازمة التي توفر المناخ لاحترافية حقيقية تدفع بالكفاءات إلى الصدارة وتقص أظافر قاتلة لا تصمد أمام حوادث كالذي جرى في الأيام الأخيرة.
من أولئك الفرسان ينبغي أن يبرز من يتكلم باسمهم ويشرح للرأي العام كل ما له صلة بالمهنة، بل ويساهمون في رسم الخطط وتدقيق البرامج وإعطاء الاستشارة اللازمة لإعداد البدائل، بحيث يتم عن طريق ترجمة الخبرة في صيغة مراجع مدونة مواكبة التغيرات والتطورات.
أمام لهب النار لا تنفع تصريحات أو تمترس وراء مناصب، إنما حقيقة الميدان وحدها تفرز الصفوف ليتبين الفارس من غيره، فعلى الأرض وسط دخان كثيف وصهد لا يقاوم تمتحن الإرادات وحتما المراتب الأولى لمن صمد بإقدام تسقط أمامه كل حسابات وظيفية أو مكاسب مهنية، ذلك أن أكبر شرف أن ينقذ إنسان أخاه أو يحمي شجرة أو معملا، ومن ثمة حملوا عن جدارة عبر العالم لقب فرسان النار، ومن تواجدوا في معركة النار لفرسان بحق.