عاشوراء، مناسبة دينية فيها كثير من التقاليد والعادات ترسّخ التكافل والتضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد، وتزرع وحدة معنوية بين مختلف شرائحه، فـ»الوزيعة» كانت ومازالت عنوانا يتقاطع فيه الأغنياء والفقراء، في نقطة تجمعهم على هدف واحد هو ترميم وجبر العلاقات الاجتماعية من خلال شعور من هو أضعف وأفقر بأن له أخًا يفكر فيه، مع حفظ كرامته بالتكتّم على اسم العائلات التي لم تساهم في شراء عجل يوزع لحمه على جميع سكان القرية.
اليوم ونحن نعيش آثار أحداث ستبقى راسخة في ذاكرة كثيرين لسنوات طويلة، ينبغي أن نستخلص من الماضي دروسا كتبها الأجداد بحنكتهم وحكمتهم لتقوية لُحمة المجتمع ليبقى ثابتا أمام الأزمات والهجمات، لتكون صفحات مفتوحة في الحاضر على الماضي تتكشف فيها عِبَر تركها الأجداد للأجيال القادمة حتى تكون ذخيرتهم في الأزمات.
كثير لم يصدق أننا تجاوزنا فتنة كبيرة في الأسبوعين الأخيرين فقد كانت الهبّة التضامنية ردا مباشرا على كل مشكّك في وحدة الجزائر، وكانت الجريمة البشعة صورة واضحة عن حقد وغل ساكن في قلوب المريدين بالجزائر سوءا، فقد أبانت تفاصيلها عن تضامن من نوع خاص خاضه كل فرد في المجتمع من أجل الوصول إلى الجناة، وعوض أن تكون السبب في تصدّع المجتمع وانشقاقه، كانت رغم أحداثها المروّعة السبب في جَبر كسر، فكان والد جمال بن إسماعيل وسكان تيزي وزو في نفس الجهة ليظهر لحمة من أجل العدالة والوحدة.
لذلك ستكون عاشوراء هذه السنة فرصة أخرى يُظهر فيها الجزائريون افتخارهم بهويتهم الإسلامية، لإبراز معاني الأخوة والتضامن بين أفراد المجتمع الواحد، ليكون بحقّ صورة صادقة عن جوهر كل عاداتنا وتقاليدنا التي اجتمعت رغم اختلاف اللهجات من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها حول كلمة واحدة هي الجزائر.