ستة أشهر هي المدة التي تفصل الليبيين عن تحقيق حلمهم بتنظيم انتخابات تتوّج العملية السياسية التي رسخّت وقف إطلاق النار، وكبحت اقتتالا داخليا كاد أن يتحوّل إلى حرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس.
بعد عقد كامل من الشد والجذب بين أبناء الشعب الواحد الذي تفرق صفّه، واهتزت وحدته، وانشطر إلى طرفين متنافرين لا يلتقيان إلا في ساحات المعارك والمواجهة، ها هو باب الأمل يفتح على مصراعيه مبشرا بعهد جديد سيكون للأمن والاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية والبنى التحتية وإطلاق عجلة الاقتصاد التي تعطلت بالكامل منذ2011.
الأمل في إمكانية انفراج الوضع في الجارة الشرقية بات كبيرا رغم التحديات التي تعترض مسار السلام، ويتعاظم هذا الأمل مع الالتفاف الدولي حول حتمية حل الأزمة الليبية والحول دون تحولها إلى حرب شاملة تهدد المنطقة بكاملها، فالمعضلة الليبية وان كان فواعلها الظاهرين هم فرقاء الداخل، فإن الأطراف المؤججة لها، هي جهات خارجية معروفة تتسابق فيما بينها وهي تجر مرتزقتها ومقاتليها لإشعال النار وذلك قصد إحداث “فوضى خلاقة” تداري أطماعها في ثروات هذه البلاد، وتخفي نواياها السيئة المدفوعة برغبات في الهيمنة والتسلط على الشعوب الآمنة.
ليبيا اليوم تقترب من طي صفحة سوداء من تاريخها خاصة بعد نجاح اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في تبني خطة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وهم أكبر عائق أمام نجاح العملية السياسية وعودة الاستقرار وتوحيد المؤسسات العسكرية؛ وككل المراحل النهائية تطفو إلى السطح بعض العراقيل، كما يخرج بعض المعتوهين بمعاول الهدم، لهذا نقف على تأخر إقرار القاعدة الانتخابية التي تحدد مصير استحقاقات 24 ديسمبر، إذ هناك من يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وجر ليبيا إلى المربع الأول، لكن الأكيد أن الليبيين سيعرفون كيف يتصدون لكل المؤامرات التي ترهن استقرارهم بجدار يصنعونه بوحدتهم وتمسكهم بمبدأ الحل السلمي لأزمتهم، ومهما كانت الصعاب ستوفّق ليبيا في الخروج من النفق المظلم.