«إن الجزائر في أحوالها عجب... ولا يدوم بها للناس مكروه، ما حلّ عُسر بها أو ضاق مُتسع إلا ويُسر من الرحمن يتلوه»، هي أبيات شعرية خلّدها الفقيه والمفسر عبد الرحمن الثعالبي كتبها منذ قرون خلت، إلا أنها تعكس ما عشناه في الأيام الأخيرة من أحداث كنا نظنّها فوهة بركان تفجرت حممها لتُؤجج الفتنة وتزرع الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.
عندما استعرت النار بجبال تيزي وزو كانت بمثابة السلاح الذي وقع عليه الاختيار لضرب الجزائر في مقتل، فكانت ألسنتها الملتهبة تكاد تكون خارج السيطرة، لكن خروج قوات الجيش وتلاحم الشعب من مختلف مناطق الوطن صنع خلطة سحرية جوهرها ايمان راسخ بأن أرضا سقتها دماء طاهرة لشهداء ضحوا بالغالي والنفيس من أجل حريتها، لن تحرقها النار لأنها منبت طيب غراسه وطنية طاهرة تُلوح فارضة نفسها في المشهد من الرماد.
تلك النار جاءت على الأخضر واليابس لم تترك شيئا إلا والتهمته بشره كبير وكأنها بُرمجت حتى لا تترك شيئا يرمز ألى الحياة، لكنها فشلت أمام تضامن شعبي أفزع من ظنوا أنها الوسيلة الأنجع لوضع آخر فصل من تقسيم الجزائر، الفزعة إذ حوّلت الحسابات الدقيقة إلى خبطات عشواء كانت الجريمة البشعة والمروعة صورة واضحة عما يريدونه من الحملات الموازية في مواقع التواصل الاجتماعي، فلا بهتانهم ولا أكاذيبهم استطاعا تزييف الحقيقة ولا تلك الصور المفبركة تمكنت من تسويق الفتنة التي وضع مخططها بعد استقلال الجزائر مباشرة.
وبعد أيام مرت طويلة جدا، ظهرت حقيقة النار التي اشعلت ألسنتها فكان حالها عجب من نار أكلت الأخضر واليابس، إلى نار استعملت سلاحا فتاكا لمحاولة كسر لحمة الشعب الجزائري، إلى نار جعلها الله تعالى بردا وسلاما على الجزائريين رغم ألسنتها الملتهبة أطفأت جمرة الفتنة والفرقة بل كانت جرعة أمل في غد أفضل لأننا استطعنا تجاوز محنة كانت ستكون منعرجا خطيرا في مستقبل الجزائر.