أجمع كثير من الإعلاميين والأدباء والفنانين الفسابكة، على إبداء غيظهم وامتعاضهم واستيائهم ودهشتهم و(انخلاعهم) من هول ما شهدوا من الأحداث التي ألـمّت ببلادنا في الأيام الأخيرة. ولقد عبّر معظمهم عن سجيّة المواطنة، وسُموّ إحساس المحبّة، وعلوّ معنى الأخوّة، ومنحوا القيّم العليا من بلاغة الكلام ما يشفي الأفئدة، ويريح الضمائر..
والحق أنّنا تابعنا تفاعل بعض الإعلاميين والأدباء والفنانين بشيء من الاستغراب، فهؤلاء جميعا، والأدباء منهم بصفة خاصة، لم يكن ينبغي لهم أن يندهشوا ولا أن (ينخلعوا)، لأنّ كتاباتهم، منذ اقتحموا عالم الكتابة (اقتحاما)، لم تُلق إلى القلوب إلا بالتّشاؤم، ولم تصوّر سوى السّواد، ولم تعرض إلا الفسوق، وهم في كتاباتهم لا يمنحون دور البطولة إلاّ لفاجر أو مقامر أو مجرم بشع، على أساس أن الكتابة الأدبيّة الرّوائيّة، إنّما هي كتابة نقديّة محض، وينبغي أن تكسر الطابوهات، وتنتصر للهامش، وتعادي المركز، وظلوا على حالهم هاته، حتى تحول «الهامش» إلى «مركز»، و(اطلع خزّها فوق ماها) كما يقول المثل الجزائري، ثم إنهم يندهشون و(ينخلعون)..
ولا يختلف بعض الفنانين، والمغنون منهم بصفة خاصة، فهؤلاء أرذل مكانا، وهم يروّجون في «أشيائهم» التي تسمّى (الأغاني)، لكل الموبقات، بل ويدعون إلى كلّ المنكرات، فلا يتورّع الواحد منهم عن (الفخر) بـ»تعاطي» كلّ أنواع الفحشاء والمنكر، ولا يحسّ بأيّ وخز ضمير، حين يلقي إلى الشباب بمكبوتاته، ويشركهم في عقده النفسيّة وهو يزيّن فكرة (البوطي)، ويعبّر عن إعجابه بـ»الحرقة»، وكثيرا ما يعوي بعبارات تهين الإنسان، ويتعامل مع المرأة كأنها بقية من ملكيّته، ثم إنهم بعد هذا.. يندهشون..
أمّا بعض الإعلاميين، فأعمالهم مشهودة، وفتوحهم معروفة، فهؤلاء اخترعوا للإعلام نظرية جديدة، واصطنعوا لـ»السبق» مفاهيم مختلفة.. هؤلاء لا ينفع معهم شيء، فـ»القصدير» في أصله، مخلوق عديم الإحساس..