يضني الكثير من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي أنفسهم في البحث عن تفاصيل الجريمة النكراء التي راح ضحيتها جمال بن سماعيل، فتجدهم ينشرون فيديوهات من أجل مساعدة الجهات المعنية في الوصول الى الحقيقة، لتكون وقائعهم مجرد تكنهات تمليها ميولات شخصية قد تصل الى تضمينها رسائل تحريضية في استباحة واضحة لدس السم في العسل.
تَلَبَّس بعض المهووسين بالمحقق «كونان» تفاصيل الشخصية الكرتونية لدرجة انهم يرتبون الأحداث المتسلسلة للجريمة البشعة وكأنهم من خطط لها، رغم أنهم يبعدون عن مكان حدوثها بمئات أو الآف الكيلومترات، وبين «تريكو بيض» و»سورفات رمادية بخطوط سوداء» تاه المحققون بين تفاصيل تافهة أبعدهم عن جوهر الحقيقة في أنهم غير معنيين بالبحث الجنائي للحادثة لأنهم غير مؤهلين لفعل ذلك.
لذلك كان لا بد من وضع عدساتهم المكبرة خاصة وأن بعضهم يؤجج نار الفتنة من خلال تحليلاته المسمومة، لينقسم «كونان» حول سببها الحقيقي، ولأن البعض يتقن فن الصيد في المياه العكرة تجدهم يضعون أسبابا «عرقية» أو جهوية بل حتى دينية ما يعطيها بُعدا اجتماعيا غير محمود العواقب، حتى أصبح البعض يشبهها ببعض الجرائم التي كانت سببا في انقسام الدول وانفصال أقاليم عنها؟
علينا أن نتحلى بالشجاعة والقوة لالتزام الصمت إلى غاية إعلان نتائج التحقيق للرأي لأنها جريمة تتعدى خيوطها الفعل الفردي المعزول، لكنها في المقابل متعلقة بتخطيط له أهداف واضحة في صناعة «هرج ومرج»، ما قد يدخل الجزائر في فتنة كبيرة لا يُعرف لها نهاية، لكن المدهش والغريب هو نشر فيديوهات جديدة للجريمة، كأن من يملكها يتعمد نشرها الواحدة تلو الأخرى، وفق رزنامة معينة ما يجعلنا نتساءل عن سبب اخفائها وعدم نشرها يوم الجريمة مباشرة، لذلك على محققي مواقع التواصل الاجتماعي أن يستقيلوا من مهمة «كونان» ويتركوا مهمة التحقيق لأهلها لانهم الأدري والأفقة في قراءة الدلائل المادية والمعنوية.