هاجم الفيروس المتحوّر بنسخة “دلتا” بشراسة البشر والاقتصاد فتراجعت آمال الانتعاش بشكل سريع وأثر كل ذلك على مسار تعافي الأسواق النفطية التي ينتظر أن يجتمع بشأنها وزراء “أوبك” مطلع شهر سبتمبر المقبل بعد الخسائر التي تكبدتها الأسعار منذ أزيد من أسبوع، أي بعد المكاسب، حيث بعد أن تجاوزت الأسعار 75 دولارا، عاد البرميل ليخسر خمس دولارات بفعل تفشي الوباء بشكل أكثر خطورة ورعبا.
تقلّص حجم التنقل وانكمش السفر وعادت قيود الطيران، وبالرغم من عودة الالتباس في التوقعات على الأمدين القصير والمتوسط، أصرت “أوبك” مؤخرا على إبداء “تفاؤل كبير”، متجاهلة الوضع الصعب في تقريرها الشهري من خلال تأكيدها الحفاظ على المنحى التصاعدي للأسواق، إثر حديثها عن توقّع تسجيل كثير من النمو خلال 2022، إلى جانب قناعتها حول ترقب تعاف قوي على مستوى الذهب الأسود السائل خلال الفصل الأخير من العام الجاري، غير آبهة بكل التحديات المطروحة والمؤشرات السلبية السوداء التي مازال يخلفها “وحش دلتا” المرعب بقوة فتكه وسرعة عدواه وكذا جدية تأثير ضغطه على الانتعاش وبالتالي الضغط على الطلب النفطي.
أوبك تراقب بعين ساهرة وحذرة تحمل الكثير من “الارتياح” لكل مستجدات السوق، وتقلل من إمكانية الوصول إلى مرحلة خطرة تتلاشى معها قوة الزخم المحقق خلال الأشهر القليلة الماضية، وتستمد ثقتها من قناعتها بأنه يستحيل أن يعود الاقتصاد العالمي ولاسيما الصيني إلى قيود غلق قاسية، رغم عدم اتضاح إن كان اللقاح سيتغلب على المتحوّر، وفوق كل ذلك تجعل أي انتكاسة محتملة وراء ظهرها، لأنها تتوقّع ارتفاع الطلب بما لا يقل عن 5.95 مليون برميل يوميا قبل نهاية السنة الجارية، بنسبة تناهز 6.6 بالمائة مصرة على استمرار مسار تعافي الاقتصاد العالمي، لهذا السبب لا تتقاطع مع موقف وكالة الطاقة الدولية التي قلصت بتشاؤم توقعاتها بفعل صدمة الوحش المتحوّر.
وفي السابق كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت بشكل صريح من حتمية بروز متحورات جديدة بنسخ مستعصية تكون أشد شراسة من “دلتا”، وهذا إذا حدث من شأنه أن يقلب الموازين في الأسواق العالمية ويغيّر من مختلف التوقعات وقد يقيد من جديد حركة السفر ونشاط الطيران، خاصة إذا عصف بالصين والمنطقة الأسيوية حيث تتمدّد الاقتصادات الناشئة، فهل “أوبك “محقة أم السيناريوهات القاتمة ستفاجئ الجميع؟