أبجديات

جرعة أكسجين..

نضيرة نسيب
06 أوث 2021

هل بإمكان أيا منا أن يضمن لنفسه، أولأحد من عائلته أوأقاربه جرعة أكسجين، والروح بيد الله وليس بيد البشر!
 عبارة تشمئز لها النفوس ممنوعة من الصرف تنسب لواحد وليس لاثنين أو أكثر ولا يقبل حتى العبث بها وغير مسموح إطلاقا أن تصاغ مع ضمير الجمع، وهي «إذا لم تستح فافعل ما شئت»..، لكن للأسف في زمن كورونا لا يخجل كثيرون من المتاجرة بأرواح البشر، فهل يُعقل ذلك؟!
مُخطئ تمام الخطأ من سوّلت له نفسه الأمّارة بالسوء الاحتفاظ بقارورات الأكسجين عسى ولعلّ يحتاجها يوما، فألف قارورة أكسجين محفوظة لا تزيد أو تنقص في عمر أيا كان منا من بني البشر، إلا إذا كتب له «طول العمر»، لأن الموت بانتهاء الأجل وليس بضمان الأكل والمشرب، ولا بالاحتفاظ بالأكسجين أو غيره من الماديات المكتنزة، والشيء الوحيد الذي يمكنه أن يغير القدر ويطيل العمر هي الصدقة التي لا يفقه في مفهومها من يتاجرون، خلال هذه الأيام العصيبة بالحق في الحياة.
إن المسألة خطيرة، بدرجة خطورة تزداد سوءا يوما بعد يوم، لأن من يقوم بمثل هذا الفعل الشنيع اختلطت عليه دنياه لحد الثمالة، فهو كاللّهفان الذي لا يشبع طمعا، وركضا وراء سراب، جهلا منه أنه لو تخلى عن أنانيته لحظة فقط لأطال الله من عمره بركة، بما أعطى وليس بما أمسك.
  لكن في الواجهة الثانية قبس من الوعي تنير ضياؤه دائما وأبدا موجة شعبية تضامن فيها أصحابها، في مبادرة تنمو ضد تيار الأزمة الصّحية الوبائية. وفي كل المرّات صور التكافل والتآزر والتماسك في شدّ الكف على الكف تطغى لتنسينا ظلمة حالكة تتربص بنا في الواجهة العاتمة، وإن جعلتنا حقا موجات هذا الفيروس نتباعد ولا نتصافح البتة لعدم نقل العدوى.
 كلها وقفات لا تنسى لشعبنا تعاقبت مرّات عديدة، بالرغم من تسارع الأحداث وتداخلها في زمننا هذا الذي ما فتئ يُنسينا أنفسنا، لكن هناك أيضا من يحاول تناسي ومحو مواقف الشعب البارزة عمدا من الذاكرة الجماعية.
 مرّة أخرى، نقف وقفة تقدير وإجلال لكل من يجمعون قواهم ليتكافلوا ويتعاضدوا من أجل إيصال صوتهم لمن بيده حيلة من أجل جمع تبرعات قدرت في أيام معدودات بالملايير لإنقاذ من هم في حاجة ماسة حقا للأكسجين ليخففوا عن المرضى معاناتهم، وعن كل من يترددون على المستشفيات نتيجة إصاباتهم الخطيرة بوباء كورونا الذي أصبح يفتك هذه المرة بأرواح الشبان أكثر من الكبار ودون سابق إنذار.
وتبقى تلك الهبّة الشعبية في كل أرجاء الوطن صدقة على من فقدوا وبركة في العمر لمن تبرع بها، وكم هم كثيرون حتى الأطفال الصغار بادروا بما في جعبهم من دنانير معدودات.
 المعروف والمعمول به في كل دول العالم خلال الأزمات لا سيما تلك المتعلقة بالصّحة، هو التكافل الاجتماعي وتوحّد الضمير الجمعي في كلمة واحدة، وهو السبيل الوحيد للنجاة ومخرجا لا بديل عنه حيث يتحوّل كل أفراد المجتمع إلى جسد واحد، إذا اشتكى عضو واحد منه تداعت له كل الأعضاء بالسهر والحمى، ليكون الهدف الأسمى والواحد الوحيد هو وحدة المجتمع وإن كان عليلا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024