جرعات من الإيجابية هو كل ما نحتاجه في هذه الأيام العصيبة لتجاوز أخبار الموت هنا وهناك، وكذا صور «ضباع» بشرية تقتات من جيف «الأزمات»، لتُشحن بسببها العقول والنفوس «غازا» مسموما هو الاكتئاب الذي يطفو بمشاعرنا على «بحر» الحزن والسلبية، ما يؤهلها لأن تكون «مفتاح» فيروس كورونا إلى أجسامنا التي أضعفت حالتها النفسية المحبطة مناعتها، ليضع «جيش» الكريات البيضاء سلاحه ويركن إلى رفع راية استسلامه لفيروس خطره واحد بالرغم من تعدد تحوراته.
يراهن كثيرون على معادلة الدواء والغذاء للبقاء بعيدا عن دائرة الخطر في حالة الإصابة أو عدمها، لكنهم يتناسون في نفس الوقت سحر ما تقوم به الصحة النفسية في رفع قوة مناعة الجسم إلى أقصى درجاتها، لتتجلى علاقة الروح بالجسد بعيدا عن المادية التي تتنكر لدور الروح والجانب النفسي في تفسير مختلف الظواهر الإنسانية.
لذلك كان الانتباه إلى التأثير المحوري الذي تلعبه المناعة النفسية في تقوية وتعزيز المناعة الجسدية، ولا يمكن بما كان وضعها على الهامش فمن غير المجدي إقصاء العلاج النفسي عن جائحة كورونا، سواء تعلق الأمر بمن تسلل الفيروس إلى جسده أو ذاك الذي مازال يقاوم تغلغله إليه، فكلاهما يحتاج إلى الاهتمام بصحته النفسية من أجل التغلب على جائحة غيرت معنى الحياة وتفاصيلها الدقيقة.
الملاحظ أن «الهجمات» الفيروسية تدعّمت بهجمات من نوع خاص تستعمل الإشاعة كسلاح فتّاك ضد كل من آمن ويؤمن بحقيقة «شدّة وتزول»، فكيف يفسر الكم الهائل من أكاذيب ومغالطات منشورة هنا وهناك وكيف تفسر «السوداوية» المتضمنة بين «أسطرها؟. ألم يكتف صانعوها من كسر النفوس وإضعاف الهمم، ألم يعرف هؤلاء أننا مسلمون بما يكفي للاقتناع أن الأجل موعود لا يستأجر ولا يستقدم ساعة سواء كانت «كورونا» أو غيرها؟.
لن يكون التفاؤل والإيجابية مجرد مشاعر إنسانية تمنح صاحبها شعورا بالسعادة المتدفقة، فهي بمثابة الترياق السحري الذي يعطي صاحبه جرعات علاجية لا تحتاج إلى كأس ماء لشربها أو إبرة لأخذها، بل هي مشاعر إنسانية شديدة العدوى تحتاج فقط إلى أمل بغدٍ أفضل، ايمانٍ راسخ بالقضاء والقدر وحسن الظن بالله لمحاربة سوداوية الأكاذيب والإشاعات.