التّرحيب الواسع الذي لقيته جولة عميد الدّبلوماسية الجزائرية، رمطان لعمامرة، إلى كلّ من إثيوبيا والسّودان ومصر، يدلّ دلالة واضحة على «الثّقة الرّاسخة» التي تحظى بها الجزائر في المحافل الدّولية، ويعبّر صراحة عن السّمعة الطيبة التي يحظى بها العمل الدّبلوماسي الجزائري على المستويين الإفريقي والعالمي.
وواضح أن حرص لعمامرة على التوّصل إلى تسوية لقضية «سدّ النّهضة»، بتوجيه مباشر من الرئيس تبون، إنما يستند إلى فلسفة ثورة التحرير المباركة، ومنظومتها القيمية التي جعلت «رفعة الإنسان» غايتها الأولى؛ لهذا، يرتكز العمل الدبلوماسي الجزائري على «الصدق»، بعيدا عن المصالح الخاصة والرؤى الضّيقة، وهذا بالضبط ما أكسبه ثقة المحفل الدّولي، وسمح له بأن يكون فاعلا في تسوية النزاعات الأكثر تعقيدا في تاريخ العالم الحديث.
ولا يحتاج لعمامرة إلى تنويه ولا إشادة؛ ذلك أن جهوده المنيرة في تسوية النزاعات وتقريب وجهات النظر، مشهودة، فقد كان له دوره الرائد في إنقاذ القارة الإفريقية من ثلاث حروب أهليّة على الأقل، إضافة إلى نجاحات دولية حقّقها للاتحاد الإفريقي، ولهيئة الأمم المتحدة التي عيّنته عضوا في المجلس الاستشاري الأممي، بصفته واحدا من ثماني عشرة شخصيّة عالمية كان لها دورها الريادي في سجلّ الصّلح الدّولي، وفضلها في تفكيك الإشكاليات المعقدّة عبر العالم.
ولا نشكّ مطلقا بأنّ قضية «سدّ النهضة» ستنتهي إلى اجتماع الكلمة، وتبديد أسباب الخلاف. ولقد ظهرت مؤشرات الحلول الممكنة فعلا في «القبول» الذي حظيت به الدبلوماسية الجزائرية، والثقة التي تتمتع بها عند جميع الأطراف، إضافة إلى خبرة لعمامرة في مجال التفاوض، وقدراته الفذّة على تبديد الخلافات، وفوق هذا كلّه، انتماؤه إلى المدرسة الجزائرية التي لم تعترف إلا بالإنسان، وسموّ معنى الإنسان..