مع الاستقرار الطفيف في منحنى الإصابات الجديدة بكوفيد-19، يحضّر البعض أنفسهم للعودة إلى الحياة الطبيعية بعيدا عن احترام الإجراءات الوقائية، خاصة ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، حيث منحت معادلة اللقاح واستقرار عدد الإصابات البعض شعورا بارتياح اتجاه تطوّر الوضع الوبائي، بالرغم من عدد الوفيات المسجلة، لذلك كان من الضروري بما كان التفكير مليا قبل العودة إلى حالة التراخي والاستهتار.
اللُبس الحاصل عند كثير من الناس هو الربط بين العودة إلى الحياة الطبيعية وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، فقد عجزوا عن استيعاب مفردة «التعايش» مع الوباء، فلا تعني هنا هذه الكلمة العودة إلى يومياتنا العادية دون الأخذ بأسباب الحيطة والحذر أو إتباع النمط المعيشي الذي كان يميز الحياة قبل كوفيد-19.
علينا أن ندرك أن مرحلة ما قبل فيروس كورونا ليس نفسها بعده، لأنه أصبح أحد التفاصيل المهمة والدقيقة في حياتنا، ولا يمكن تجاوزه لأن التعامل معه بلامبالاة سيكون له أثر قاتل، ولعلّ تداعيات الموجة الثالثة خير دليل على النتيجة التي تؤول إليها الأمور عند الاستخفاف بهذا الفيروس المجهري.
الاستخفاف والاستهزاء الجماعي أغفل كثيرين عن اكتساب الفيروس قوة أكبر من تحوراته المختلفة، ليكون «دالتا» الوجه الأشرس له فيما لا تزال أخرى تتحضر للإعلان عن خصائصها الفيروسية الجديدة، لذلك المعركة شرسة ويعد انتحارا مواجهة كورونا بدون التسلح بكمامة ومسافة أمان.
ليس من الشجاعة مواجهة العدو بصدر عار لأن الحرب إستراتيجية وتخطيط دقيق لا يترك فيها شيء للصدفة، لذلك وضعت إستراتيجية وطنية لمجابهة الوباء تتكيف في كل مرة مع المعطيات العلمية الجديدة، لكن شكّل الوعي منذ ظهور أول إصابة في الجزائر شهر فيفري 2020، الفارق في الوضعية الوبائية، لأننا كمجتمع وبكل بساطة لم نستوعب بعد أبعاد «التعايش» الاجتماعي والنفسي والصحي مع الوباء.