يبدو أن «أزمة الأكسيجين» التي تفاقمت في الأيام الأخيرة، بدأت تجد طريقها نحو الانفراج، فقد تمّ توزيع كميّات هامّة من مادة الحياة على مختلف المستشفيات، وتظافرت جهود الصّالحين لتدعم جهود السّلطات المختصّة، وتبذل كل ما في وسعها كي تخفّف من معاناة المرضى.
ولا شكّ أن الأزمة ـ مهما كانت ـ تشتدّ كي تنتهي إلى الفرج والسّعة، ولكنّ دروسها لا ينبغي أن يطويها النّسيان، خاصة وأنها، في هذه المرّة بالذّات، أسفرت عن بشاعة غير مسبوقة، وهي تأتينا بنوع «متحوّل» من الانتهازيين و»مصّاصي الدّماء»، سمعوا أن «القرنفل» يهدئ الآلام فاحتكروه، وبلغهم أن «الليمون» يساعد على تجاوز الصّعاب، فانتهبوه، وليتهم توقفوا عند هذا الحدّ، فقد امتدّت أياديهم السّود إلى الأكسيجين في ذاته، فلم يتورّعوا عن تحويله إلى السّوق السّوداء ليعرضوه بأسعار خيالية، دون أن يجدوا وازعا ينهاهم، ولا ضميرا يردعهم..
أي نعم.. هذه هي الحال، وهؤلاء هم «مصّاصو الدّماء» الذين لم يتركوا محنة إلا استغلوها، ولا شدّة إلا فاقموها، وجعلوها مركبا للإثراء على حساب الضعفاء.. وهذا لا ينبغي أن ننساه؛ ذلك أن محنة كوفيد أصابت جميع دول العالم، واختصّتنا بمحنة موازية يصنع أهوالها هؤلاء الذين لا يرون في الحياة سوى ما يكدّسون من أموال، ولو على حساب الحياة..
إن محنة كوفيد، مهما طالت بها الأيام ستنجلي، غير أن «الانتهازيين» سيظلّون متربّصين بالمواطنين، يتحيّنون أي شدّة ممكنة كي يفتكوا بالنّاس، ويسلخوا عنهم جلودهم.. هذه هي المحنة الحقيقية التي نعيش.. هذه هي المحنة التي لا ينبغي أن نتجاوز عن ظلم صنّاعها، ولا أن ننسى خيانتهم العظمى التي ارتكبوها في حق الوطن والمواطنين.. بصراحة.. مرض «الانتهازية» أخطر من كلّ الأمراض، وهو الذي ينبغي أن نصطنع له لقاحا فعّالا، حتى نتجاوز محنة الضّمير الميْت..