مصير ليبيا بين أيدي شعبها ومفتاح الحل، كما اتفق عليه، يكمن في مواصلة انجاز المسار السياسي من بوابة انتخابات رئاسية وبرلمانية في نهاية العام، تكون معبرا آمنا لمعالجة كافة الملفات بما فيها الوجود الأجنبي والمرتزقة، مسألة يمكن حسمها بحرص الأشقاء الفرقاء على خيار لملمة الصفوف وجعل ليبيا فوق كافة الحسابات، ولها في التاريخ سجل حافة في الوطنية عنوانه عمر المختار.
النظر إلى المستقبل وترك الماضي للتاريخ يمنح أفقا رحبا يستوعب بالضرورة كافة الأطراف الليبية لتقطف الأجيال الجديدة ثمار الاستقرار والأمن والطمأنينة، التي تعتبر مكسبا ثمينا وقاسما مشتركا يؤسس للحد الأدنى المطلوب للتوافق، قاعدة لم تدخر الجزائر منذ بداية الأزمة جهدا لإرسائها وتعزيزها بما يخدم مصلحة ليبيا وشعبها في العودة إلى الحياة الطبيعية.
إن المخرج السياسي للأزمة الليبية ممكن وهو على مرمى حجر، غير أن التحدي القائم يكمن في التزام الأطراف المعنية درجة من اليقظة تجاه قوى نافذة سوف لن يهدأ لها بال حتى تستمر المحنة الليبية؛ ذلك أن حالة الفراغ والانقسام توفر لها المناخ المناسب لمواصلة استنزاف الثروات ونهب الخيرات وتعطيل الحل السياسي.
«الشيطان يكمن في التفاصيل»، أمر يدركه أهل الدبلوماسية وغالبا ما يتوصلون إلى حلول مرضية بمراعاة المصالح المشتركة لما تتوفر النوايا الحسنة وتفرز لوحة الأولويات وجعل المصلحة الوطنية بمرجعيتها التاريخية ورقة تحسم الخيارات، كما تشير إليه التوجهات الكبرى حاليا أمام بقايا أنانية البعض وحسابات البعض الآخر، فيما يطمح الشعب الليبي إلى الخروج من نفق أزمة مفروضة عليه في أقرب وقت وبأقل كلفة.
خيار السلم والمصالحة هو ذات القناعة التي عبرت عنها الجزائر على لسان الرئيس تبون في أكثر من موعد، بتوفير كل أسباب النجاح وتسخير إمكانات إعادة بناء الثقة وترجمتها إلى مشروع واقعي لحل جذري متوازن ومستدام تستعيد فيه ليبيا عافيتها، من خلال تجسيد الإرادة الشعبية عبر مؤسسات شرعية منتخبة مطابقة لمعايير الديمقراطية، بعيدا عن تأثيرات أو ابتزاز أو تهديد، مع إدراك ما يضمره البعض من مشاريع هدامة تعطل مسيرة الحل.