الصدمة الصحية جراء وباء كوفيد وما تخلفه من ضحايا ومآسي لا ينبغي أن تنسينا التحديات الاقتصادية المصيرية، لذلك المواجهة حتمية على أكثر من جبهة. ولعل من أشرس معاركها تلك المتعلقة بتأمين احتياطي الصرف بالعملة الصعبة، الذي يبقي درجة من المناعة بتسجيله 44 مليار دولار، تُمثل «صمام أمان ظرفيا»، إلى حين تعزيز مسار التصدير خارج المحروقات، وهي مهمة على عاتق النسيج المؤسساتي بكافة مكوناته.
إنه التحدي الكبير الذي يمكن رفعه حالة تضافر جهود الجميع وانخراطهم في ديناميكية التجديد، انطلاقا من قناعة راسخة بالقدرة على إنجاز التغيير على المستويات الذهنية والممارسة والرؤية إلى المستقبل، الذي لا ينفع معه تنظير وتصورات استنزفت موارد وثبطت عزائم بفعل افتقارها لمعايير الواقعية.
لذلك تنصب مهمة الجهاز التنفيذي بعد تنصيبه رسميا في مواجهة الواقع رصدا للاختلالات ومعالجة للمعوقات لمرافقة العجلة التنموية على سكة النمو، القاسم المشترك بين الشركاء.
بين ترشيد النفقات والتقشف يميل الاختيار للأول لتنمية ما أمكن الموارد المتاحة وتحصين الجهاز الاقتصادي بكل امتداداته الإنتاجية والمالية والتسويقية والمناجيريالية من هزات ارتدادية للأزمة المزدوجة الصحية والنفطية المزمنة، كما تلوح مؤشراتها. فالترشيد يعني ببساطة حسن التدبير وجدوى استعمال الإمكانات المتاحة والذكاء في تحويل قلتها إلى ثروة، من خلال توسيع نطاق الشراكة المحلية وفسح المجال أمام المبادرة وتحرير الفعل الاقتصادي من قيود بيروقراطية، لكن شريطة التصميم على مكافحة الفساد وتجفيف منابعه وفقا لمقاربة قانونية وأخلاقية، ينتظر أن تحقق المبتغى ضمن مسعى أخلقة الحياة العامة.
المؤكد أنه ببناء معادلة تجمع بين اعتماد النجاعة ومكافحة الفساد وترشيد الموارد، قلبها النابض الإخلاص، يمكن تحقيق تقدم على مسار تجاوز الظرف بكل تعقيداته، خاصة وأن الإرادة السياسية حسمت الخيارات، عنوانها الاعتماد على الإمكانات الوطنية، مهما كانت متواضعة، لصياغة حلول ميدانية تفكك تعقيدات كثيرها بيروقراطي.