سرعة انتشار عدوى الفيروس خطيرة وفتّاكة ومستمرّة في التمدد، حيث باتت تشتد وتواصل قصفها للحياة متجاهلة حملات التلقيح بفعل شيطان التحور المرعب، وإذا واصلت الجائحة استشراءها لا يمكن لأحد أن يسلم من الإصابة، في وقت يصعب التنبأ بموعد تقريبي لنهاية الوباء الذي صار يشبه تماما الحروب المستعصية، فالعديد من الدول أسندت مهمة مقاومة الفيروس إلى جيشها وسخّرت أموالا معتبرة لاقتناء الأدوية واللقاحات والعتاد الطبي، فيما تعكف المخابر على بحوث معمقة مازالت غير نهائية بسبب غموض الفيروس وقوة بطشه وعناده وذكائه.
إذا هل العالم في مواجهة حرب بيولوجية صامتة؟ حرب استعملت فيها المكروبات المعدية والجراثيم السامة، لأنّها لا تقل خطورة عن أسلحة الدمار الشامل الفتّاكة، بل ويمكنها أن تنافس الحروب النووية في طريقة بطشها، غير أنّها ليست مكلّفة، لأنّ فيروس مركب ألهب العالم بالعدوى ونشر الرعب في كل مكان، مازال يسقط الآلاف من الضحايا يوميا، فلم تنفع معه لا الإجراءات الوقائية ولا التطعيمات التي مازالت في بدايتها، لأنه من المبكر التأكيد بأنّ العالم في طريق التغلب على الفيروس «الشرير».
حملات التطعيم الواسعة التي تقودها الدول الغنية والمتقدمة، منحت الثقة في معركة طبية قوية، يعول فيها على محاصرة الفيروس بالعلم وجرعات تطعيم ثنائية، لكن تحور «كوفيد-19» قد يحدث المفاجأة، لأنه صار من الممكن أن تظهر سلالات جديدة ربما كرد فعل على تطوير اللقاحات، ومن كان خلال السنة الماضية يعتقد أن الفيروس سيكون تحت السيطرة ببروز اللقاح، فالحديث عن هذه المسألة أمر سابق لأوانه، في ظل التخوف الكبير من استمرار حملات الفيروسات والأوبئة، والتي إذا استمرت ستجهز على البشرية ويكون البقاء للأقوى علميا، وكذا من يملك جهاز مناعة قوي يقاوم خبث الفيروس المرشح عودته حسب بعض العلماء خلال عشرية أو عشريتين..
نسبة كبيرة من العالم المتخلف قبل الجائحة، كان يعاني الجوع والفقر والضعف، لكن مع الوباء فإنه على بعد خطوات قليلة من الكارثة، بسبب هشاشة مقاومته للعدو، وسيموت جوعا قبل أن يفتك به الفيروس، لأنّ الفيروسات لا تقل خطورة عن الحروب التقليدية، بل صارت أشد منها لعنة وتحصد أرواح الضّعفاء أكثر من الأغنياء.