من عجائب ما نعيش أن (بعضهم) استغلوا الجائحة للإثراء على حساب المصابين، وأن «الأكسجين» أصبح موضوع «مضاربة» و»احتكار» و»مزايدة» و(تبزنيس)، دون أيّ اعتبار للواقع المعيش وصعوبته، ولا أيّ حسبان للحسّ الإنساني وفروضه، فالمسألة برمّتها، في رؤوس المضاربين والمحتكرين، لا تتجاوز «انتهاز فرصة» (الكوفيد)، كما انتهزوا – على الدّوام - كل صعبة، واستغلّوا كل حاجة.
ولقد تعوّدنا على هؤلاء الانتهازيين، وترعرع سلوكهم المشين أمام أعيننا، دون أن نجد حيلة في التعامل معهم، ولا سبيلا إلى التّخلّص منهم، فقد احتكروا «الحليب» ورفعوا أسعاره دون وجه حق، وسلّمنا لهم، ثم ضاربوا بالخضر والفواكه، وأشعلوا نيران أسعارها، وسلّمنا لهم كذلك، فنحن لا نملك سوى التّسليم، غير أنّنا لم نتوقع مطلقا أن تمتدّ «الانتهازية» إلى «الأكسجين»، وتضمّه إلى قائمة المحتكرات، وتفرض عليه أسعارا تكاد تكون من الخيال، بينما يرقد المحتاج إلى «جرعة حياة» لا يجد من يرحمه، ولا من يرأف بآلامه، إلى أن يتولاه الله برحمته، ويخلّصه من أدران هذه الحياة البائسة..
هل ينبغي أن نسلّم أمام «سيدّنا السّردين»، ونذعن أمام «لالة البطاطا»، ونرضى في حضرة «مولانا الحليب»، ثم لا يكتفي «الانتهازيون» و»البزانسية» بكلّ هذا، فيحتكرون علينا «جرعة الهواء»؟! هل ينبغي أن نصمت أمام هذه العصابات التي تتشكّل حول كلّ «حاجة»، وتتاجر بكلّ «ضرورة»، فلا تترك شاردة ولا واردة إلا وتجعل منها منغّصا للحياة؟!
الحق أن الأمر بلغ من الخطورة منتهاها؛ ذلك أن الذي يمتلك الجرأة على المتاجرة بـ»الأكسجين» في خضم جائحة لا ترحم، لا يعبّر – في الحقيقة – سوى عن شيء واحد.. إنّه يعلن صراحة عداوته للمجتمع كاملا، بل إنّه يعلن عليه الحرب.. وعلى هذا، ينبغي الردّ على العدوان بصرامة وجدّية وفعالية، وتجريم كلّ من يفكر، مجرّد تفكير، في أذيّة الجزائريين..