شهدت أرقام الإصابات بـ»كورونا»، في الأيام الأخيرة، ارتفاعا مرعبا ينبئ بأن الموجة الثالثة من الجائحة ستكون لها آثارها الوبيلة على الجميع، خاصة وأن كثيرين ما يزالون مصرّين على أن «كوفيد» مجرّد لعبة، أو أنّ شيئا من اللّيمون يكفل التّخلّص منه.
وكان في متناولنا أن نحاصر الفيروس اللّعين منذ البداية، لو احترم الجميع إجراءات الوقاية التي حدّدتها مصالح الصّحة. غير أنّ كثيرا من الفاهمين الذين يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة، ويظنون أنهم يعرفون المداخل والمخارج، ذهبوا مذاهب شتى في «التحليل» غير آبهين بالتحذيرات التي تصلهم، ولا بالتوصيات التي تبلغهم، وما يزال التهاون في الوقاية متواصلا، رغما عن الأرقام المذهلة التي تتصاعد يوما بعد يوم، دون أن تجد سبيلا إلى الإقناع..
إن الذي يتهاون في إجراءات الوقاية لا يضرّ بنفسه وحسب، وإنّما يمثّل خطرا محدقا بجميع الذين يحيطون به. وعلى هذا، ينبغي أن يلتزم كل واحد منّا بمقتضيات الواقع المعيش، لا أن يفرض خيالاته وأوهامه و(فهامته) التي وصلت بنا إلى الموجة الثالثة، وقد تشرع الأبواب على الموجة الرابعة التي تعيشها كثير من الدّول حاليا..
ولنفترض جدلا أن المتهاون يضرّ بنفسه فقط، فهل نسكت عليه ونتركه لمصيره، أم نقف في وجهه ونمنع عنه الإصابة؟!..
إنّ الأمر خطير للغاية، وهذا ليس من البلاغة في شيء، بل هو ما يحدّث به الازدحام بالمرافق الصّحية، تماما مثلما تحدّث به الجنائز يوميا. لهذا، ينبغي التّعامل بصرامة مع كل الذين يتهاونون في تطبيق الإجراءات الصّحية، وردع كل الذين يرفضون الانصياع لمتطلبات مكافحة الجائحة، فهؤلاء يكلّفون الأمة خسائر فادحة، ويساهمون، بل يجتهدون في الإبقاء على الفيروس، ومنحه المساحات التي يتحوّل بها ويتكاثر.. فإذا تطلب الأمر حجرا كليّا، فليكن..