تعرض الناجحون بأدنى معدل للنجاح بالبكالوريا، إلى نوع من «التّنمّر» غير مسبوق على شبكات التّواصل الاجتماعي. وكان على الناجحين أن يتحمّلوا أعباء «السخرية» و»الإهانة» و»الكلام الفارغ» مع إعلان النتائج، عوض الاستمتاع بلحظة فرح، والتّفرغ إلى تلقي التهاني، والتفكير في الخيارات التي يتيحها حلمهم المتحقّق..
وواضح أن «المتنمّر» – مهما يكن – لا يمثّل (كلّه على بعضه) سوى مجموعة من العقد المتراكمة في (نفس مريضة)، فهو منشغل بالناس، ويحسّ بأن كلّ فرحة تنتقص منه وتزدريه، لهذا يبذل جهده – حين يعتدي على الآخرين – كي يقنع نفسه بأنه الأفضل، حتى وإن كان هو نفسه لم يتمكّن من الحصول على شهادة التعليم المتوسط، فهذه شهادة تدل على أن من يفوز بها، ينبغي أن يكون قد شبع ثقافة ووعيا، واكتسب ما يخلّص نفسه من (الصبيانيات) التي تدفع إلى الانشغال بالناس.. و»التّنمر» لا يدل أبدا على ثقافة ولا على وعي ولا حتى على علبة (إندومي)..
وإذا كان المتنمّرون انشغلوا بـ»المعدلات»، فذلك لأنهم لا يعرفون بأن «المعدل» لا يدلّ بالضرورة على مستوى الذّكاء ولا على طبيعة المعرفة، وهناك كثيرون من الطلبة ممّن يحصلون على بكالوريا بالمعدل الأدنى، ثم يعيدون الكرة، فيحصلون على معدلات مذهلة، وهذه ليست ضربة حظّ، وإنّما هي ظروف عامة مختلفة تحيط بالطالب، يكون لها تأثيرها على أدائه، وليس يمكن لنفوس مريضة، كمثل ما هي نفوس المتنمرين، أن تضع هذه الظروف في حسبانها، فـ»المتنمّر»، في أصله، لا يعقل، ولو كان يعقل لامتنع عن إفساد فرح الناس..
إنّ الفائز بشهادة البكالوريا، مهما يكن معدّله، سيكون من صنّاع أمجاد الأمة، وهذا ينبغي أن نتعهّده بالعناية، ونمهّد له السّبل كي يحقق رسالته التي سيتحمّل أعباءها بعد التّخرج من الجامعة. أمّا المتنمّر، فهو لا يختلف عمّن يحرث البحر..