ما أقدم عليه مندوب المغرب في الأمم المتحدة هو سقطة دبلوماسية وأخلاقية لا يمكن تجاوزها أو التساهل معها، فما صنعه هذا المندوب ليس بجديد! وهو امتداد لسياسة التهور والخيانة والمؤامرات التي طبعت التاريخ السياسي للمخزن.
الشعب الجزائري لم ينسَ بعد طعنه في الظهر إبان الثورة التحريرية المباركة حينما أقدم المغرب سنة 1956 بالتواطؤ مع الاستعمار الفرنسي على اختطاف الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة حينها.
وبعد استقلال الجزائر لم ينتظر المخزن طويلا حتى حاول سنة 1963 الاعتداء على السيادة الوطنية مستغلا الظروف التي كانت تمر به البلاد باعتبارها دولة مستقلة حديثا، لكن الرد جاءه قاسيا من الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير.
المؤامرات والخيانة لم تتوقف عند هذا الحد، فالرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية للكيان الصهيوني، شلومو غازيت قال:» «إن المغرب مكّنها من تسجيلات قمة عربية استضافها عام 1965، ممّا هيّأ لها سبل الانتصار في حرب 1967»، والتطبيع المخزني الأخير مع هذا الكيان لدليل على صحة هذه المعلومات.
وخلال العشرية السوداء، حاول المغرب أيضا استغلال الوضع حين اتهم الجزائر بالباطل بوقوفها وراء تفجير إرهابي حدث في فندق بمراكش سنة 1994، فارضا مباشرة التأشيرة على الجزائريين، لكن الرد الجزائري كالعادة كان قاسيا وتعامل مع ذلك بكل حزم.
وعلى النقيض من ذلك، فالجزائر وطيلة تاريخها السياسي لم تتدخل إطلاقا في الشؤون الداخلية للغير، منتهجة مبدأ الحرص على استقرار وأمن البلدان العربية والإفريقية، وكانت ولا تزال سندا للقضايا العادلة.
إن ما أقدم عليه المخزن من خلال مندوبه في الأمم المتحدة يدفع للتفكير بجدية في حجم التحديات التي تعرفها الجزائر، باعتبارها دولة مستهدفة من قوى ترى في مواقفها تهديدا لمصالحها، خاصة والكيان الصهيوني بات متواجدا على حدودنا الغربي. ويتطلب مواجهة هذه التحديات تعزيز الجبهة الداخلية لتستمر قوية ومتماسكة، تنهار أمامها كل مؤامرة.