بعد مفاوضات عسيرة غير معلنة خلف أسوار الأمم المتحدة بين قوى عظمى، وافق الأمين العام غوتيريش أخيرا على قبول رفع عدد قوات حفظ السلام في مالي (مينومسا)، وطلب من مجلس الأمن الدولي الموافقة على المقترح، وبهذا القرار قد تدخل المنظمة الأممية حسب موقف الولايات المتحدة الأمريكية في حرب أممية إقليمية ضد الجماعات الإرهابية.
البنتاغون قال قبل أيام حسب مصادر إعلامية، إنه لن يوافق على طلب المنظمة الأممية، الذي يأتي تزامنا مع بدء سحب فرنسا قواتها ضمن عملية «برخان» وتقليص عدد قواتها في مالي ومنطقة الساحل الأفريقي، من 5100 عسكري إلى 2500 أو3000 ضمن سياسة جديدة للرئيس إيمانويل ماكرون أملاها الوضع الداخلي تؤكد فشل سياسة باريس في مالي.
يبقى أمام طلب غوتيريش امتحان الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، وفي مقدّمتهم واشنطن التي يبدو أنها تتجه إلى عدم التصويت للطلب ومعها بريطانيا غير المتحمّسة للمشاركة عسكريا في منطقة الساحل وقوة «تاكوبا»الأوروبية.
في المقابل توحي المؤشرات إلى اتجاه فرنسا وروسيا والصين للتصويت لصالح رفع عدد قوات (مينومسا) بحكم صراع نفوذ اقتصادي ومصالح مشتركة، ما يؤكد أن منطقة الساحل مقبلة على مخاضات سياسية وأمنية عميقة في المرحلة المقبلة، قد تشهد دخول لاعبين دوليين وإقليميين جدد، ما سيؤدي إما لاحتواء نشاط الجماعات الإرهابية أو تمدّدها إلى منطقة خليج غينيا الغنية بالنفط والغاز.
أسئلة عديدة تطرح حول مغزى قبول المنظمة الأممية المقترح الفرنسي لرفع قوات حفظ السلام، هل هو سياسة لملء فراغ الانسحاب الفرنسي؟ أم هو عقاب للنظام في مالي الذي يبدو أنه أنهى الوصاية الفرنسية بانقلابين في ظرف تسعة أشهر رفضا لإملاءات باريس؟ وكيف ستنجح المنظمة الأممية فيما فشلت فيه باريس طيلة سنوات لم تتمكن من مواجهة ضغط الرأي العام الفرنسي الرافض لقيادتها القوات الأجنبية من الساحل بعد مقتل 50 عسكريا فرنسيا منذ 2013، وإنفاق مليار يورو سنويا لتغطية الحاجات المتعلقة بعملية «برخان»، أي أن فرنسا أنفقت لحدّ الآن نحو 8 مليارات يورو على الأقل في معركتها بالساحل وفشلت!