في معادلة صعبة خالط «السم» فيها فطرة الأمومة لتخرج عن مقاصدها وترمي بفلذات كبدها إلى الشارع، ظنًا منها أنها «تهديه» عطلة صيفية مريحة بعيدا عن صفحات الكتب وضغط المراجعة، يرسولونهم في «طرود» تزينها «حاشية» زهرية اسمها التخلي عن مسؤوليات الأبوة والأمومة إلى مصير مجهول يصنعه لقاء غير متوقّع مع شخص تخلّص من كل ما يميزه كإنسان ليتحوّل إالى وحش يعرف جيدا من «أين تؤكل الكتف».
فلا يعقل أن تسمح الأم لابنها بالذهاب إلى الشاطئ وحيدا أو مع أصدقائه وهو لا يتجاوز سن الـ10 سنوات، ولا يمكن بما كان قبول أن تتحوّل الأم إلى مجرد اسم ولقب يكتب على دفتر العائلة، لأنها لن تكون كافية لإبعاد فلذة كبدها عن الخطر المحدق به في كل مكان، فالأمومة أكبر من حصرها في رابطة بيولوجية وحمض نووي يحمل جينات تحتاج إلى تأكيد شيفرته الوراثية عن طريق فطرة هو سرّ الأمومة المغروس داخل كل أنثى، غريزة جعلها الله تعالى في قلب كل أم لحفظ الإنسان من كل شر وبلاء.
لكن أن تتخلى الأم عن مسؤولياتها للشارع وتجعل منه مصدر الأمن والأمان لابنها فهذا سفه وقلة عقل وانحراف عن الأمومة السوية، لأن الشارع اليوم مع كل الحركية والتقلبات الاجتماعية التي قلّبت قيم المجتمع رأسا على عقب بسبب تأثير العالم الافتراضي على تفاصيل حياتنا، أصبح الطفل في عين إعصار يضرب الطبيعة الإنسانية، ورياح «مافياوية» صنفت الطفل كبضاعة يعرف الطلب عليها ارتفاعا متزايدا.
لذلك وجب على الأم أن تعي أن دورها لا ينحصر فقط في الأشغال المنزلية أو الجري وراء لقمة العيش، لأن الأطفال أمانة الله لديها، عليها أن تعي أن الطفل بحاجة إلى أم تتحمّل مسؤولية قرار المنع والرفض، وتحديد قائمة الممنوعات والمحظورات، فالسماح للطفل بالذهاب إلى الشاطئ من الصباح الباكر حتى الليل، أو تركه في الشارع طوال النهار دون السؤال أو البحث عنه فهذا خلال بالمسؤولية الملقاة على الوالدين تحتاج إلى إعادة نظر في المعنى الحقيقي للأمومة والأبوة.