تعوّد بعض الكلامولوجيين، منذ سنوات، على استغلال تباشير عيد الأضحى، ليسلقوا الجزائريين بألسنة حداد، وهم يحرصون على إظهار (عشقهم المؤبد) لـ»النظافة»، وعلوّ كعوبهم في مادة (التّحضر)!!، وكثيرا ما ينشرون على وسائط التّواصل الاجتماعي صورا تؤيّد ما يذهبون إليه من الدّعوة إلى ضرورة «الحفاظ على البيئة» و»المنظر العام» و»الهلمّ جرّا»، ولا يتورّعون عن النيل من شعيرة الفداء، والانتقاص ممّن يؤدّونها، وهم يبذلون جهدهم في تحقير كل ما يدلّ على الانتماء الدّيني للجزائري.. ولقد ذهب بعضهم في الأيام الأخيرة، إلى الترويج لخبر أفاد أن (فرنسا) منعت أداء الشّعيرة بالمنازل، كي يحيلوا إلى فكرة (التّعامل مع المذابح العمومية)..
والواقع أن ما تنقله الصّور ليس سوى نصف الحقيقة، وما تلهج به ألسن المغرضين بهتان مبين، ذلك أن كلّ الذين يقومون على أداء سنة إبراهيم عليه السلام، يحرصون على التّخلص من كلّ آثار الأضاحي، فإن كان هناك بعض الكسالى أو المتواكلين (وهؤلاء لا تخلو منهم أمة على الأرض) فإنّ عمال البلديات يقومون بالواجب، وحتى إن تقاعس هؤلاء، فإنّ كثيرا من الصّالحين يتطوّعون من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، وهذا يعني أنّ الصّور التي يتباهي بها الكلامولوجيون، إنما تكون في خضم العمليّة لا بعدها، ومع ذلك يتّخذون منها تكئات لتمرير بهتانهم..
وظاهر أن الكلامولوجيين الذين تخصّصوا في (عيد الأضحى)، يدركون أنّ الجزائري يقوم على أضحيته، ويقرّبها بيمينه لا يرجو سوى القبول، ورغم هذا، يلحّون على فكرة «المذبح العمومي»، عوض معالجة المشكلة الحقيقية المتمثلة في طبيعة السّكنات التي ليس بها مساحة لـ»التضحية» ولا حتى مترا مربعا للصلاة..
أليس أولى بالفاهمين أن يطالبوا بخضوع المهندسين المعماريين إلى طبيعة المجتمع، عوض محاولة إخضاع المجتمع إلى طبيعة السكنات؟!.. طبعا.. هذه ليست مشكلة كلامولوجية، ولهذا لن ينشغل بها الكلامولوجي..