من عجائب ما نعيش في عصر (الأل.أم.دي) أن مناصب الدكتوراه التي يتسابق الطّلبة للفوز بها، إنّما هي مناصب «بيداغوجية» محض، وأنّ الأطروحة ـ مهما كانت - تعبّر عن مستوى صاحبها وحده، ولا تمهّد له السّبيل إلى الوظيفة بالضّرورة؛ ذلك أن «التّوظيف» لا علاقة له بالبيداغوجيا، ومع ذلك، نفتح للوظائف «مناصب»، وللبيداغوجيا «مناصب»، والمسألة لا تعدو كونها (تشابه تسميات)..
وبما أن (واجبنا) يقتضي التسليم أمام الأعاجيب، فإنّنا نفترض أن التكوين لا يُلزم الوصاية بشيء، ولهذا، لا نستطيع استيعاب الحكمة من الإصرار على تحديد عدد مناصب البيداغوجيا، ما دامت مناصب تكوين فقط، وفي المقابل، لا نجد أيّ مبرّر لاستغلال الدّكاترة البطّالين في التّدريس، وإرغامهم على وظائف (بيضاء) يصرفون عليها من جيوبهم، عوض أن يستفيدوا منها، على أساس أن «الدكتور البطال» يراكم سنوات العمل المجاني، ليشهرها في مسابقات (مناصب) التوظيف باعتبارها (الخير السابق)، وكلما يتوسّع «الخير»، تتوسّع معه حظوظ الحصول على الوظيفة..
صراحة.. إنّنا لا نجد وسيلة إلى تفكيك شيفرة هذا اللّغز (الأل.أم.دي)، ولا إلى استيعاب الفارق بين (البيداغوجي والمهني)، فالمعقول هو أن التّكوين يكون على قدر الحاجة، والواقع يتحدّث عن نقص رهيب في عدد الأساتذة الجامعيين، ومع ذلك، تواصل الوصاية سياسة «السّخرة» التي تطبقها على الذين يفترض منهم أنهم «نخبة» البلد و»صفوته»، وربّما حتى أعلامه..
أما «الترقيع» فقد يكون «مجديا» في تجاوز مشكلة طابور الحليب، أو القفز على مرحلة «نقص الماء»، وقد يكون مجديا كذلك اعتبار التّدريس الافتراضي، مجرّد نشر لمحاضرات طويلة عريضة على موقع بأنترنيت دون شرح ولا تفصيل (ولا هم يدرسون)، غير أن ترقيع الوظيفة الرّسميّة بوظيفة بيضاء، ينبغي أن يكون أعجوبة ثامنة تضاف إلى عجائب العالم..