تصاعدت أرقام الإصابات بـ»كورونا» في الأيام الأخيرة ببلادنا بشكل مخيف، ينذر بالأسوأ، ويحدّث عن موجات جديدة مقبلة لا يمكن التّعامل معها إلا بـ»الوقاية»، والالتزام بالتّدابير الصّحية التي حدّدتها الجهات الوصيّة.
وواضح أن تصاعد الإصابات هذا، إنما هو نتيجة طبيعيّة لـ»التهاون» في الالتزام بمقتضيات واقع الجائحة، فالنّاس تجاوزوا حالة الصّدمة التي أحدثها الفيروس حين ظهوره أوّل مرة، وطال بهم الأمد حتى ضجّوا بحالة الحجر، وصاروا يبحثون عن منفذ إلى «الحياة» في الهواء الطلق، ولقد وقر في قلوب كثيرين أن الأمر مجرّد تهويل إعلامي، أو شيء من «صناعة الخوف» تسوّق له جهات معيّنة، فتجاهلوا «التّباعد الاجتماعي»، و»تراكموا» في الأسواق والمقاهي والساحات العمومية والشواطئ، فلا تسمع منهم إلا كلمة تقطر إيمانا.. (الأعمار بيد الله..)..
والحق أن «الأعمار بيد الله»، وأن الأجل قضاء محتوم لا يغني معه الحذر، ولكن إلقاء النفس إلى التهلكة يتعارض مع ذلك «الورع» الذي يتحدث به هؤلاء، خاصة وأن الذي يُصاب بالفيروس، يمكن أن ينقل العدوى إلى كثيرين لم يكتسبوا ذنبا ولا ارتكبوا خطيئة، لولا أن أقدارهم ألقت بهم في طريق إنسان طائش، يعتقد أن طيشه قمة الورع والتّقوى..
إن مصيرنا ما يزال بين أيدينا، فنحن نعالج حاليا الموجة الثالثة، بينما انتقلت دول كثيرة إلى الموجة الرابعة، لهذا، ينبغي التعامل بصرامة مع كل من يخلّ بمتطلبات الوقاية؛ ذلك أن الذي يرتكب الطيش ويخالف التعليمات، لا يضرّ بنفسه وحده، وإنما يعرّض جميع من حوله إلى خطر الإصابة. ولهذا، على كل واحد أن يعلم أنه يحمي الجميع حين يحمي نفسه، فالمسألة ليست خيارا واجتهادا أو موقفا ورؤية، وإنما هو واقع معيش يفرض انصياع الجميع لتدابير الوقاية.. وهذا ما يجب على الجهات المعنية تفعيله تجنبا لصدمة مقبلة..