تكاثرت النّيران على غاباتنا حتى حاصرتها وأحرقتها، وجعلتها رمادا بالرّغم من كل الجهود المبذولة من أجل إطفاء ألسنتها التي لا «تتوانى» عن الصّراخ «هل من مزيد»، غاباتنا رئة حياتنا وحياة الأجيال القادمة تلتهمها النّيران كـ «وجبة سريعة» كأنّي بها «مكلّفة بمهمّة» تنتقل من منطقة إلى أخرى عبر مختلف غابات أرض الوطن لإيصال رسائل واضحة عن «الحرب الإيكولوجية» على الجزائر.
لا يمكن بأي حال من الأحوال إبعاد نظرية الحرائق «المدبّرة» لأنّها تشتعل وفق جدول زمني محدّد، وبالرّغم من محاولة وضع «عيد الأضحى» في خانة الاتّهام ليكون المتسبّب الأول فيها من خلال ظهور نوع جديد من الزّراعة هي زراعة «النار» لجني الرّماد، ليتحوّل الفحم إلى محصول صيفي بامتياز، فإنّ ظهور أدلّة جديدة في قضية «حرائق الغابات» أبعد الشك عن المناسبة الدّينية فلا يمكن أن تكون الغابة الجزائرية «قربانا» «يُضحّى» به تقرّبا من الله عزوجل؟؟؟»، ولعلّه السّبب وراء فتح تحقيق لتتبّع ورصد آثار الجريمة الإيكولوجية التي يزداد عدد «ضحاياها» من بشر، أشجار وحيوانات.
لن يرحم خيط النّار ثروتنا الإيكولوجية، ولن يتردّد في إشعال أشجار الأطلس التلي، لذلك علينا أن نتجنّد كمواطنين من أجل منع حدوث المزيد من الحرائق، وتفادي خسائر في غاباتنا التي تئن تحت ألسنة النّار، فصور الهكتارات من غاباتنا متفحّمة صيف 2020 ما تزال راسخة في أذهاننا، واليوم تبكي جبال الأوراس حروقا لا تندمل أشعلت نارها في جناح ليل حالك.
نباتات نادرة وحيوانات مهدّدة بالانقراض كلّها في مواجهة حرائق أبكت الجزائريّين لأنّها تأكيد على أنّ النار التي تشعلها «الطّبيعة» أرحم بكثير من تلك التي يشعلها البشر، الفرق شاسع بين شرارة تلهبها أشعة شمس حارقة وبين أخرى يجعلها «عود ثقاب» خائن نارا مستعرة، شتّان بين إرادة الطّبيعة وإرادة البشر.
لكن وسط دخان كثيف توشح السواد حزنا على خيانة الأرض، برزت صور الهبّة الشّعبية التي صنعها سكان ولاية خنشلة والمناطق المجاورة لها استجابة لنداء الاستغاثة الذي أطلقته «عين ميمون» من أجل الوقوف في وجه «وحش» النار، الذي تعالت ألسنة ناره حتى بلغت عنان السّماء، لتعطي كل واحد منّا درسا في تحمل مسؤوليته تجاه وطنه لأن النار خراب ودمار.