مرّت 20 سنة على بداية الغزو الأمريكي لأفغانستان، تحت شعار «محاربة الإرهاب». وكانت طالبان حينها تسيطر على مقاليد الحكم والسلطة في هذه الدولة الآسيوية التي أنهكتها حروب أتت على الحجر والبشر.
قرّرت أمريكا وحلفاؤها اليوم، الانسحاب بشكل كامل قبل نهاية هذه السنة، بعد إعلانها انتهاء العمليات العسكرية وتحقيق الحملة لأهدافها. والغريب، أن طالبان سيطرت مرة أخرى على 70٪ من الأراضي. وبحسب العديد من الخبراء، فالتنظيم لديه القدرة على فرض نفوذه على كامل البلاد من جديد في غضون أشهر معدودات.
في الواقع، أمريكا لم تحقق أي انتصارات، لا عسكرية أو استراتيجية. فمن الدوافع الخفية غير المعلنة لهذا الغزو، كان احتواء المارد الصيني في مناطق نفوذه، لاسيما وأن أفغانستان كانت مرشحة لتكون منطقة عبور لأنابيب الغاز، انطلاقا من إيران وتركمانستان اللتين تمتلكان معا 20٪ من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم.
ومن المفارقات العجيبة، أن الصين خلال فترة الحرب الساعية إلى احتوائها، عرفت أكبر نمو اقتصادي في تاريخها، حيث تضاعف ناتجها المحلي الإجمالي 10 مرات من 1,4 تريليون دولار سنة 2001 ليبلغ سنة 2019 أكثر من 14 تريليون دولار.
كما أن تكاليف الحرب كانت باهظة على بلد العم سام، حيث قدرت نفقاتها طيلة العشرين سنة الماضية بأكثر من 1000 مليار دولار، كانت كفيلة أن تحول كابول إلى دبي جديدة لو صرفت في مجالات التنمية والبنية التحتية.
في كتابه «فن الحرب»، قال صن تزو، إن «الانتصار الحقيقي هو ألا يتم السماح أصلا للقتال أن يقع، وأن فن الحرب هو فن السلام». هذه المقولة تعكس الرؤية الاستراتيجية الصينية في كيفية وتوقيت استخدام القوة العسكرية، ورغم صعودها الاقتصادي المذهل، فلا تمتلك الصين حاليا إلا قاعدة عسكرية واحدة خارج الصين ولم تتورط في أي حرب خارجية تقريبا في تاريخها الحديث.