لم يعد أمام النظام المغربي خيارات متعددة فيما يتعلق بالنزاع على الصحراء الغربية مع جبهة البوليساريو، وهو يواجه تحديات عصيبة، بدأت إرهاصاتها مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق ترامب حول «السيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية»، ووقوع الرباط في فخ التطبيع مع الكيان الصهيوني.
تلك كانت الشرارة الأولى لانطلاق حرب سياسية شرسة في أروقة المشهد الدولي، بعد رفض الإتحاد الأوروبي قرار واشنطن الأحادي بخصوص نزاع جديد قديم، مصنف على لائحة الدول المعنية بتصفية الاستعمار، وما تلى هذا الرفض من قرار البرلمان الأوروبي ضد سلوكيات النظام المغربي بعد موجة هجرة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة نحو جيبي سبتة ومليلية الإسباني عقب استقبال مدريد الأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي.
أمام هذه التوترات والتطورات التي أملتها عودة الحرب منذ 13 نوفمبر الماضي،عقب إسقاط المغرب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 1991، لم يعد أمام المسؤول الأول عن النزاع بين الطرفين (الأمم المتحدة)، سوى تحريك عجلة خارطة السلام قبل تحول المنطقة إلى بؤرة توتر لن تكون تداعياتها أقل ضررا من أفغانستان أو حروب الشرق الأوسط.
إسبانيا، المستعمِر السابق للصحراء الغربية والمعني الأول بالقضية، فهمت جيدا تحركات الرباط بخصوص النزاع الجديد القديم، وسارعت بدورها إلى حشد الإتحاد الأوروبي لحماية مصالحها قبل كل شيء، لأنها باتت على دراية بالأطماع المغربية لاسترجاع سبتة ومليلية وهو ما فتح صفحة توتر في العلاقات بين المملكتين، على خلفية تأكيد مدريد لموقفها الإيجابي من النزاع الصحراوي.
أمام هذا التحول، تحرّكت الأمم المتحدة بعد سبات عميق، ليعلن أنطونيو غوتيريش أن طرفي النزاع رفضا 13 مبعوثا أمميا دون أن يفصح عن عدد الرفض لكلا الطرفين خاصة المغرب، فيما رفضت البوليساريو اثنين فقط بسبب دعمهما المحتل.
لكن التحرك الإسباني ومعه الأوروبي المتواصل، دفع غوتيريش إلى دعوة المغرب لاستئناف المفاوضات المعطلة، التي يقول النظام المغربي إنها صارت من الماضي ولم يعد أمام البوليساريو سوى خيارا واحدا، لكن الشعب الصحراوي يرفع خيارات كثيرة لقول كلمته أمام العالم أولها وآخرها البندقية.