جدارية المنفيين الجزائريين التي دشّنها رئيس الجمهورية، أمس، هي أوّل تكريم رسمي – في تاريخ الجزائر المستقلة - يحظى به أولئك الذين أخذتهم العنجهية الاستعمارية بـ»ذنب الحريّة»، وأخرجتهم عنوة من ديارهم، لتشتتهم على أقاصي الأرض، وتقطع عنهم كل خيط أمل في العودة إلى الوطن.
ولقد أحسن الرئيس تبون بهذا الموقف أيّما إحسان، وهو يمنح ذاكرة المنفى رمزيتها السّامية في تاريخ كفاح الشعب الجزائري من أجل التّحرر، وأحسن ثانية وهو يربط رمزية المنفى، برمزية يوم الاستقلال، لتكون شهادة اعتراف يرفعها الجزائريون إلى كل الذين عوقبوا بـ»الغربة»، وتكون يدا جزائرية حانية تواسي ذلك الجزائري العظيم الذي آلمه البعد، وأحرق قلبه الحنين، فصرخ: (قولوا لأمي ما تبكيش.. يا المنفي...)..
هي صرخة، تردّد صداها على مدار التّاريخ، ودمعة حرّى ترقب عودة ممكنة، ولم يكن من سبيل إلى مواساتها سوى النّغم.. (..يا المنفي..) بكلّ ما تحمّله النغم من آلام، وكل ما اجترحته الكلمات من أسى.. وجاءت ذكرى الاستقلال، أمس، لتكفكف الدموع، وتستعيد للجزائر جزءا عزيزا من ذاكرتها لم يحظ بالعناية التي تنبغي له.
إن الجدارية التي دشّنها الرئيس تبون، لها أهميّتها البالغة بالنسبة للذاكرة الوطنية، فهي اعتراف رسمي للمنفيين من جهة، وهي رسالة الجزائر الجديدة التي ينبغي أن يسهم في بنائها جميع أبنائها.. جزائر جديدة أساسها الأوّل «الحريّة»، ومنهجها «العدل» وغايتها «الانسان»، وهذا بالضبط ما نلمحه في برنامج الرئيس، ونرى إشراقته مقبلة.. اليوم، عاد المنفيّ إلى جزائره التي أخرج منها ظلما..
اليوم، عاد المنفي منصورا إلى أرض الوطن..
عدت يا المنفي.. عدت وجزائرك جديدة..
تحيا الجزائر.. الله يرحم الشهداء..