لا يزال الشارع الليبي في حيرة من أمره، عقب إعلان البعثة الأممية فشل ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف في التوصّل إلى حل سياسي حول القاعدة الدستورية، لتحديد شروط الترشّح للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرّرة في 24 ديسمبر المقبل، وتعالت أصوات تتقاذف الاتهامات بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الليبي تخوفا من العودة إلى نقطة الصفر.
لا شكّ أن بعض أعضاء الحوار السياسي الليبي فضّلوا طريقا آخر، غير الذي أرادته غالبية الشعب الليبي التي وضعت ثقتها كاملة في الأعضاء قبل أشهر قليلة باختيارهم السلطة التنفيذية، وهو تواق إلى الاستقرار وإعادة البلاد لسابق عهدها شامخة بين الأمم، ببلوغ برّ الأمان، دون مزيد من المتاعب والعراقيل التي أنهكت الجميع لعقد من الزمن أوشك على تقسيم ليبيا إلى قسمين، شرقي وغربي، لولا تدخّل أبناء الوطن المخلصين في السلطة التنفيذية لإنقاذ الدولة من الانهيار.
انطلاق المفوضية العليا للانتخابات في تسجيل الناخبين بعد يوم واحد من إعلان البعثة الأممية فشل ملتقى الحوار السياسي الليبي، يعني أن الاستحقاقات ستجرى، لكنها لن تجرى إذا لم يتمّ تقديم قانون الانتخابات الذي تستند عليه القاعدة الدستورية ويمثل كل ما تحتاجه المفوضية العليا للانتخابات لإجرائها، من النظام الانتخابي، والطعون، والتظلّمات، والعقوبات، والدوائر الانتخابية المحدّدة، وعدد المقاعد، وشكل الجسم التشريعي.
عدم تلويح البعثة الأممية بفرض عقوبات على معرقلي التوصّل لقاعدة دستورية من أعضاء الحوار السياسي، يؤكد تقصيرا واضحا في عملها قبل أشهر باختيار أعضاء موالين لأطراف تسعى إلى تنظيم الانتخابات دون شروط محدّدة، وهو ما تجلى في تمديد جلسات الحوار التي لم تتمكّن من تبني نقاش جامع يبلور إرادة الشعب الليبي بطريقة ديمقراطية وشفافة.
الطريق إلى الانتخابات لم يعد مفروشا بالورود كما كان يعتقد كثيرون، وأصبح مصيرها أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، في ظلّ تباين واسع حول من سيحدّد القاعدة الدستورية، هل مجلسي النواب والدولة والحوار السياسي؟ أم أن المجتمع الدولي سيلجأ إلى خيارات بديلة لتفادي العودة إلى مربّع العنف والفوضى.