يجابه العالم قسوة تداعيات الفيروس المتحوّر بكل ما أوتي من قوة من خلال الإجراءات الصحية والوقائية والاقتصادية، لتخفيف حدّة الخطر وكبح حجم الخسائر على الأرواح والنمو، وبالفعل مع اتساع نطاق حملات التطعيم في الدول المتقدّمة بدت الحياة في سياق عودتها إلى ما قبل الجائحة، ولاحت في الأفق أبعاد توقعات استشرافية، تراهن على قفز نسبة نمو الاقتصاديات الرائدة إلى مستويات لا تقل عن سقف 7 بالمائة.
عودة الاقتصاد العالمي جارية ونمو بمعدلات عالية، يوشك أن يتحقّق على أرض الواقع، ولعلّ الصين المنافس الاستراتجي داخل الأسواق المحتدمة بمنافسة شرسة، تسارع الزمن لتعويض الفرص الضائعة في فترة الوباء، ويتوقّع من دون مبالغة أن تحوّل في فترة قياسية الخسائر السابقة إلى مجرد ماض، لأنها واثقة أنه باستطاعتها تعويض ذلك النزيف الناجم عن الغلق بالإرادة ودقة الإنتاج وصواب التخطيط وقوة اكتساح الأسواق.
يجب أن يتغير النظام العالمي الحالي المبني على أولوية مصلحة الأقوياء والأكثر ثراء، بينما يهمش الضعفاء والفقراء، ولعلّ دروس الوباء من المفروض أن تعجل من تقليص حجم الأنانية لدى العالم المتطور والمرفه، وتجعله ينظر بعين العدل لا الرأفة إلى الدول الفقيرة التي تعاني في صمت، لأنه يحق لها أن تنال نصيبها من متطلبات الحياة وتعيش بعيدا عن الفقر وفي مأمن عن الأوبئة والحروب التي مزقت بلدانها وشردت شعوبها ودمرت مدنها، وبالتالي من حقها أن تظفر بنصيبها من التنمية والتكنولوجيا وتستفيد من ثرواتها الباطنية والطبيعية والبشرية.
وإن كانت النظرة التفاؤلية لكثيرين تعتقد أن القوة الاقتصادية المزدهرة للصين والتي جعلتها تتربع على نفوذ قوي في الأسواق، وعجّلت ببروزها كقوة إقليمية وعالمية، من شأنها أن تغيّر الموازين وتعدل من طريقة تعاطي العالم المتطور مع نظريه المتخلف في المنطقة الجنوبية للكرة الأرضية، ومع ذلك يبقى التخوّف من سرعة إعادة تشغيل اقتصاد عالمي حديث مترابط بعد انطفاء الفيروس، بل عودة الاقتصاد بشكل حقيقي لا يحمل أي مخاوف الانتكاس مرهون بتحقيق الحصانة من الفيروس واحتواء الوباء الذي يحتاج إلى سرعة كبيرة في محاصرته.