يجد الكثير في فصل الصيف الفرصة الذهبية للَمْلَمة كسور النفس وانتكاساتها في زمن أصبح الإنسان فيه غريبا وسط مجتمع آمن بالمال «ربا»، فتحوّلت الوسيلة إلى غاية جردت الكثير ممن يحيطون بنا من شرفهم ومبادئهم، فلا شيء يقف في طريقهم، المهم هدف يتحقق ولو كان على حساب الأبرياء سواء كانوا أقرباء أم أصدقاء.
الصيف نسائم تنعش الروح وتبعث فيها الأمل من جديد مع أشعة شمس «العشية» التي تروي خطوطها حكاية انسان آمن بغد أفضل وأمن من غد تنكسر فيه الأقنعة، لتنكشف خبايا نفس خبيثة عجزت عن الاستكانة والراحة عن أذية من يحيطون بها، فلا معنى لوجودها بعيدا عن «صناعة» الألم والحزن لكل من يقترب منها.
الصيف فصلٌ غالبا ما يرتبط في الذاكرة الشعبية بالفرح والسرور ففيه يجمع الرباط المقدس الأحبة، وترتفع زغاريد النجاح في الامتحانات النهائية وسط العائلات والأسر، وفيه تركن النفس الى «زاوية» الزمن تُراجع «كتاب» حياتها علّها تفك شيفرة المعادلة السحرية لقلب صفحة العثرات وبداية فصل جديد بعيدا عن التصنع والتملق والنفاق الاجتماعي الذي غالبا ما يكون سببا في شقاق اجتماعي مقيت.
ولعلّ الكثير منا ما زال يتذكر صيف العام الماضي الذي ابتعد فيه الجميع عن الجميع بسبب وباء مجهول علّم البشرية أن النجاة في العزلة والابتعاد عن الآخرين، ليجد المجتمع نفسه أمام مفاهيم جديدة لم يع دروسها إلا بعد أن أصبح الابن يتسبب في عدوى قاتلة لوالديه، أو أحد أفراد عائلته، فكان «التباعد» طريق النجاة الوحيد لمنع الكارثة.
وللمرّة الثانية على التوالي يتزامن صيف الاستجمام والراحة بصيف الوباء والإجراءات الوقائية، مع ملاحظة مهمة هو تجاوز عتبة الإصابات الجديدة 400 إصابة، ما يضع موسم الاصطياف رهينة لامبالاة وتراخي المواطنين الذين وضعوا أقنعة الوقاية جانبا ليستمتعوا بيومياتهم.
كمجتمع لم نستطع التأقلم مع المعاني الجديدة التي فرضها الوباء لأن الطبع غلب التطّبع، لذلك علينا توقع الأسوأ لأن فصل «الزوخ « و»الفوخ» لن يتخلى عن التجمعات لإبراز «عضلات» مظاهر خادعة سرقت من البعض حلاوة الحياة لتتحول مع مرور الوقت الى مجرد «حلبة صراع»، النصر فيها فشل والغالب فيها بلا ضمير جمعي ينادي بأن الفرد للجميع والجميع للفرد.