يتوقّع أن تحمل مرحلة ما بعد الجائحة الكثير من الدفع والانتعاش الفعلي لأسواق النّفط المحاصرة مجددا بالوباء المتحوّر، خاصة سلالة “دلتا” الأشد عدوى من كورونا، وبالتالي تهديدات عودة القيود الإجبارية على السّفر في العالم، ومع كل المخاطر التي بدأت تطفو على سطح المستجدّات الفجائية، غير أنّ العالم يتّجه بعزيمة أقوى وخيار أوحد، نحو تنمية اقتصادية أقوى ومحو كل ما تمّ تكبّده من خسائر أثقل العالم بالديون، البطالة والفقر.
خفت التّوتر وتلاشت ضبابية الأفق حول كل ما يتعلّق بالأسواق النّفطية من عرض وطلب وأسعار عانت كثيرا من تهديدات الانهيار المحتوم، لكن معركة كبح الفيروس باللقاح أطلقت العديد من مؤشرات عودة النفط إلى مستويات مرتفعة، قد تغيّر من خطط أوبك وشركائها من المنتجين الكبار، حيث تلتقي في الفاتح جويلية الداخل، ورغم بقاء نشاط السياحة وقطاع السفر بعيدا عن الحركية، إلا أن الاقتصاد العالمي يعد بعودة قوية وشيكة قبل نهاية السنة الجارية، لذا فإنّ أسعار النفط التي تجاوزت حدود 76 دولارا للبرميل مرشّحة لتجاوز 80 دولارا قبل نهاية السنة الجارية، وربما قد تقفز مدفوعة بنمو اقتصادي كبير إلى ما لا يقل عن سقف 100 دولار للبرميل.
اجتماع “أوبك+” سيكون تقييميا، تخفّف فيه قيود الإمدادات واستشرافيا يشرح آفاق المرحلة المقبلة، ويأتي هذا الاجتماع، في ظل جوّ من التفاؤل والكثير من معالم السوق الإيجابية، وسط تعهّد منتجي النّفط الصّخري في أمريكا للإبقاء على مستوى الإنفاق الحالي وثبات الإنتاج، خلافا لما كان يسجّل في السّابق من تدفّق كبير للزيوت الصّخرية، حيث يرتقب أن ترفع أوبك الإمدادات في شهر أوت المقبل لأنّ التّقديرات تؤكّد أنّ السوق تعاني من الشح، بفعل نمو قوي على طلب الوقود في أمريكا والصين، أكبر مستهلكين في العالم للثروة السّوداء السّائلة.
النّفط التقليدي مازال في أوجّ قوّته وعطائه وطلبه، ولن تشهد الأسعار أي مخاطر الانتكاس على الأقل على المدى المتوسط، لأن الاقتصاد العالمي سيعرف وتيرة أسرع وأعلى من النمو والتدفق قبل انتهاء عملية التطعيم التي تشهدها الدول المتطورة.