«فاتونا بالعلم»..
قالها سي الطّيب الوطني، وأفضى إلى ربّه.. قالها، وتوقّف نبض قلبه الذي لم يحضن سوى أمل مرهف باستخلاص الوطن من براثن أسقام تسلّلت إليه، ومواجع ألمّت به.. قالها السي الطيب وقد أشرقت في عينيه ملامح مستقبل يمتلك كل ما يجعل منه زاهرا..
«فاتونا بالعلم».. أي نعم.. كان السّي الطّيب يعلم أنّ الكلمة الطيّبة، تمسح غشاوات الأعين، وتكفل العودة إلى جادّة الصّواب، فلم يدّخر جهدا في إحياء الأصالة الجزائرية، وإذكاء روح المحبة بين أبناء الوطن الواحد.. تلك «المحبة» الّتي أوغرت قلوب الحاقدين، وحرّكت لواعج «النّفاثات في العقد»، فتسابق المرجفون إلى إلقاء الزيت على النار، واجتهدوا في تجذير الخلافات باسم «الدين» تارة، وباسم «الحرية» و»الحق» تارة أخرى..
«فاتونا بالعلم».. وكان السي الطيب يعلم أن «المعرفة» وحدها التي تسمح بتجاوز مكائد المرجفين، وأن «المعرفة» وحدها تفصل بين «الحق» و»الباطل».. في زمن صار تلبّس «الباطل» بـ»الحق» وحلّ محلّه..
«فاتونا بالعلم»..
وساد الصّمت.. كان الرّصاص قد اقتحم المشهد وفرض منطقه، وإذا الرّصاصات التي اخترقت الجسد المثقل بالهموم والآلام، توزّع البؤس على جميع أنحاء القطر، فقد كان ينبغي أن يدفع الجميع ضريبة الإيمان بالوطن دما ودموعا..
ولم تختلف سنـن الحياة، فـ»الباطل» مهما طغى، ساعة، و»الحق»، مهما طال الزّمن، قائم إلى قيام الساعة.. صمت الرصاص، وانكفأ الحاقدون، وما تزال كلمة السّي الطيب قوية مجلجلة، يخترق صداها الزّمان، ويعود كل عام ليكون الذكرى التي تنفع.. «فاتونا بالعلم»..