تثير الحكومة المرتقبة جدلا واسعا في وقت تتواصل فيه المشاورات على أعلى مستوى لصياغة تركيبتها بما يكلّل ببروز تشكيلة على درجة من الكفاءة والالتزام في مواجهة مختلف جوانب الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية، بما فيها ملفات إصلاح ما أفسدته العصابة، ومنها الاقتصاد والمرفق العام وأخلقة الحياة العامة من بوّابة المدرسة بدون فقدان هويّتها، إذ منها فقط تتبلور الأجيال بمناعة شاملة ونجاعة أكبر، ففي النّهاية لا تنفع الخطب أمام حقائق الأرقام.
بين جهاز تنفيذي سياسي بخلفية حزبية أو تكنوقراطي، يكون الحسم من اختصاص الرئيس في غياب أغلبية برلمانية صريحة، ومن ثمة مخطئ من يدّعي أنّ له أغلبية بقدر ما له عدد أكبر من المقاعد في الغرفة السّفلى، أمر لا يعطيه أفضلية مطلقة، ناهيك عن مختلف جوانب المقاربة التي تحتاج إليها البلاد للدّفع أكثر بوتيرة التّغيير المتدرّج انسجاما مع مطالب «الحراك»، بحيث ينبغي أن يكون الشّغل الشّاغل حول المساهمة كل في موقعه في تطهير المناخ وإزالة الشوائب بما يوطد من الثّقة التي يجري ترميمها.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي، المتداخل بالنّظر للمؤشّرات التي يرسمها المشهد في مرحلة تتنافس فيها الأمم على الأسواق وموارد الطّاقة ومصادر المياه، واستقطاب الكفاءات ذات الذّكاء الاصطناعي، يتطلّب اعتماد مقاربة ملائمة ترتكز على المكيل للكفاءة أيّا كان لونها لتعزيز فرص النجاح في زمن قياسي، وبأقل كلفة، أمر يشكّل التحدي الأول لعبور منعرج الأزمة بسرعة لا تتحمّل تردّدا أو استنزافا للموارد، بمعنى أنّ المرحلة للعمل أكثر من الجدل، ذلك أنّ الاختلالات مشخّصة والحلول موجودة، ويكفي العثور عليها فقط.
عندما تتصدّر الكفاءة بالمفهوم الصّحيح، تتزايد قوّة الإقناع وتستعاد قيمة المصداقية تماما كما يفعل الطّبيب النزيه أمام حالة مرضية مستعصية، ومن ثمّة لا مجال إطلاقا لما يعتبره البعض تقاسم غنائم انتخابية بقدر ما التّجهيز لمواجهة معركة مصير تخص بلدا بكامله، وأجيالا تتطلّع لتجاوز مرحلة الصّدمة إلى الانتعاش، ومنه استئناف الدورة الاقتصادية وفقا لمعايير تكافؤ الفرص، واستئصال البيروقراطية من خلال تعميق الرّقمنة الشّاملة، شرط جوهري للانتقال إلى درجة أعلى في الحوكمة.