ذكرت الأمم المتحدة أنّ عدد المهاجرين الأفارقة الذين لقوا حتفهم غرقا خلال الأشهر الستة الأولى من هذه السنة، وصل إلى 760 شخص في محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسّط باتجاه «الفردوس الأوروبي» المفترض! وتعد ليبيا نقطة الانطلاق الأولى من شمال إفريقيا بـ 11 ألف رحلة، وهذا راجع للأزمة التي تعيشها البلاد.
هذه الأزمة التي تسبّب فيها «الناتو» بقيادة فرنسية خلال فترة حكم نيكولا ساركوزي سنة 2011، حينما تمّ استصدار قرار من مجلس الأمن بفرض حظر جوي على ليبيا لإسقاط نظام القذافي، غير آبهين بتداعيات ذلك التدخل العسكري «غير المدروس» سواء على الشّعب الليبي أو على دول الجوار، حيث كانت التكاليف باهضة، تحديدا على بلدان الجوار ومنها الجزائر سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية باعتبار سوناطراك أحد المستثمرين في قطاع المحروقات في ليبيا قبل بداية الأزمة بدون احتساب خسائر التجارة البينية.
على الأمم المتحدة أن لا تكتفي بسرد هذه الأرقام المؤسفة عن الهجرة، التي حفظتها شعوب بلدان الجنوب وسئمت من سماعها كل سنة، وعليها كذلك أن تضيف في تقاريرها أنّ سبب هجرة الأفارقة إلى أوروبا ناجم تحديدا عن سياسة الدول الأوروبية نفسها، وعلى رأسها فرنسا وبقية الدول الكبرى التي تنظر إلى إفريقيا بوصفها ملعبا للنفوذ والصّراعات بالوكالة، ومسرحا لنهب الموارد والاستيلاء على خيرات الشّعوب، وفرنسا لم تكتف بنهب ثروات البلدان الافريقية فحسب بل تسعى إلى إضعافها وعرقلة آفاق التنمية فيها للمحافظة على نفوذها هناك، كما حدث في جرائم الإبادة باعتراف فرنسا نفسها ضد قبيلة التوتسي في رواندا سنة 1994، وهذا ليس بجديد فتاريخها مليء بجرائم الحرب والإبادة.
أستذكر هنا مقولة شهيرة للرّئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، حين صرّح قائلاً: «دون إفريقيا، فرنسا ستنزلق إلى مرتبة دول العالم الثالث»، وأظن أنّه أخطأ التقدير ففرنسا بدون إفريقيا تساوي صفرا، وهي تدرك ذلك جيدا.