كانت فكرة قطع الأنترنيت من أجل تجنّب الغشّ في البكالوريا، معقولة جدا، ويمكن تفهّمها بما هي إجراء استعجالي يجب التّعامل معه سريعا، تجنّبا لـ»تمييع» المسار التعليمي للطلبة الثانويين. غير أنّ استمرار هذه الفكرة المستعجلة على مدى خمس سنوات، صار يمثّل عبئا يتحمّله كل مشتركي خدمة الأنترنيت، الذين تتعطّل مصالحهم وتضيع عليهم أعمالهم، دون أن تكون لهم علاقة بالامتحان..
وبما أن البكالوريا وأختها، بينهما عام بالتّمام والكمال، فقد كان ينبغي على منظمي الامتحان أن يستغلّوا الوقت ويفكروا في طريقة تحفظ للامتحان هيبته، وتحفظ للمتواصلين حقوقهم، فالعام كاملا يكفي لاختراع أنترنيت مرة أخرى، فما بال الفكرة المستعجلة تتواصل، وقد انطوت بها خمس سنوات كاملات؟!
والحقّ أن «القطع» هذا العام، تطوّر نوعا ما، فهو لم ينل – في الغالب – سوى منصّات التّواصل الاجتماعي، وما يمكن أن يتحمّل بالصّور، غير أنّ هزّاته الارتدادية أصابت منصّات النّدوات الافتراضية، وحجبت ملتقيات قضى منظموها وقتا طويلا في الإعداد لها، وذهبت الجهود هباء، وهذا يعني أن تطوّر «القطع» لم يمنع الخسارة، ويعني كذلك، أن «التّفكير» يجب أن يتخلّص من القالب الذي لم يمنحه فكرة بديلة للقطع، ويمنح نفسه بعض الحرية في النّظر بعيدا عن أنترنيت، وما تسببه من مواجع.
ونعترف أنّنا لا نجد مقترحا تكون له فاعليته في محاصرة الغشّ، ولكننا نرى أن فكرة البكالوريا الكلاسيكيّة، هي نفسها التي ينبغي أن تجد الحلول المواتية لأنترنيت الحداثية، كي تتمكن من التعايش معها، والاحتفاظ بهيبتها كاملة غير منقوصة. فالمفترض المعقول، هو تكيّف الكلاسيكي مع الحداثي وفق مسار التّطور، وليس إخضاع الحداثي إلى منطق كلاسيكي متجاوز..
واضح أنّ كل ما حول البكالوريا يتطوّر، أفلا يكون حصيفا أن تفكر «البكالوريا» في التطوّر وقد بقيت على حالها منذ مرسوم نابليون؟!.. هذا مجرد تساؤل خارج قالب القطع.. فهل يمكن أن نقرأ للخبراء شيئا خارج القالب؟!.. هذا هو السؤال..