ثمة عبارة شهيرة تقول «من لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل».
قد لا تكون هذه المقولة قانوناً طبيعياً، إلا أنها تؤكد على أهمية العوامل التاريخية في بناء حاضر الأمم ومستقبلها. ولو نظرنا بتمعن في هذه المقولة لوجدنا ترابط الأزمنة الثلاثة مع بعضها، في دلالة على أن الأول يحدد الثاني فالثالث.
لو تصادف والتقيت بشخص يشكك في تاريخ أمة ما أو في رموزها الوطنية بدون منهجية تفكير، فكن على يقين أنه يريد بها ضرراً لكبح تطورها في الحاضر والمستقبل.
في أحد مداخلاته الشهيرة أمام أعضاء البرلمان الجزائري سنوات التسعينيات قال عبد الحميد مهري، رحمه الله، في مجمل حديثه «…يجب أن ننتبه لأن فيه من يريد تسويد هذه الفترة لتشكيك الشعب في ثقته بنفسه لزعزعة ثقة الشعب وإظهار الاستقلال بأنه كان تقريبا خطأ، لجعل الأجيال التي لم تعرف نقطة الانطلاق تعتقد أن الخلاص، خارج الجزائر حضارة وتوجها واقتصادا وثقافة»...
إن ماضينا اليوم كان حاضرا عند مهري وهو يعي جيدا ما يقول. فاليوم نرى كثيرا من التشكيك حول تاريخ الجزائر ورموزها، سواء التاريخ الذي عايشناه وتعلمناه في المدارس أو حتى الذي روي لنا من قبل الآباء والأجداد.
وما يحز في النفس، سماع جزائريين يشككون في الاستقلال حينما يقعون في سوء إدراك بالربط بين حاضرهم البائس، حسب تصورهم، مع ما يروج له عبر منابر إعلامية خارجية وداخلية، هذه الأخيرة سلوكها يطرح كثيرا من علامات الاستفهام حول الغاية من هذا التزييف الممنهج.
إن ما وقع من تشكيك مقصود وما سيقع مستقبلا، يستوجب إعادة النظر في الكيفية والمنهجية الواجب اتباعها للاستثمار الأمثل في تاريخنا، باعتباره نقطة قوة وليس نقطة ضعف، هذا التاريخ الذي تحسدنا عليه كثير من الدول، حيث نجعل منه نقطة الانطلاق نحو بناء الحاضر والمستقبل.