...وإذا كان الشباب وقود الأمم والأساس الذي تبنى عليه حضاراتها، فإن العمل هو الشعار الذي يجب أن يميز مسيرته، وإن العلم هو الموجه له، هكذا خاطب العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي الشباب الجزائري، لا سيما المثقف منه.
لكن المتتبع اليوم لحال الامتحانات والاختبارات وحتى المسابقات التي تجرى في المؤسسات التربوية والجامعات الجزائرية، يفهم جيدا أن ظاهرة الغش باتت مهنة لدى شريحة كبيرة من الطلبة والمترشحين الجزائريين، للأسف. وهذا يمكن رده إلى عدة عوامل، نذكر منها غياب قوانين ردعية. فغالبا ما يتم ضبط طلبة متلبسين في حالات غش باستعمال وسائل وأدوات مختلفة، لكن يتم التساهل معهم، سواء من قبل بعض الأساتذة أو حتى من بعض الإدارات الجامعية، التي تتعامل بنوع من التساهل مع الطلبة الغشاشين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، إحدى الجامعات أصدرت إعلانا، العام الماضي، قامت بإصدار عفو شامل على جميع الطلبة الذين تم ضبطهم في حالات غش مختلفة، بمن فيهم الطلبة الذين تم إحالتهم على المجالس التأديبية، وهذا بحجة «ظروفهم النفسية الصعبة نتيجة فيروس كورونا المستجد»... ما هكذا يتم محاربة ظاهرة الغش في مؤسساتنا التربوية وجامعاتنا!
النقطة الأولى التي يجب أن يفهمها الأساتذة، أن الحراسة في الامتحانات أمانة ومسؤولية أخلاقية وأن التساهل في التعامل مع الطلبة الغشاشين، سيكرس الرداءة ويؤسس لمبدإ عدم تكافؤ الفرص بين الطلبة.
والنقطة الثانية التي يجب أن تعيها الإدارة الجامعية، أن الصفح والعفو عن الطلبة الغشاشين في الامتحانات، سيجعل بعض الأساتذة يتساهلون في الحراسة أثناء الامتحانات، مادامت الإدارة ستمزق تقارير الغش المحررة من قبل الأساتذة وستعفو، لا محالة، عن هؤلاء الغشاشين.
النقطة الثالثة التي يجب أن يفهمها الطالب الجزائري اليوم أو بالأحرى خريج الجامعة في الجزائر، أن انتقاله بالغش والطرق الملتوية لا تأخذه بعيدا، لأنه سيجد نفسه متحصلا على شهادة في مجال ما لا يعرف ماذا سيفعل بها لما يصدم بالميدان، بل إنه سيكون عبئا ثقيلا على المجتمع.
إذن، لقد تعالت لغة الأرقام والإنجازات والشهادات لدى بعض الطلبة على لغة الإبداع والبحث العلمي والمساهمة في رقي المجتمع، كل ذلك بسبب الاعتماد على الغش، تقتل روح الإبداع لدى الطلبة، وتنتج لنا نخبة مريضة فكريا لا يستفيد منها المجتمع في شيء.
