يعتقد مالك بن نبي أنّ النّقص الذي يعاني منه الفرد الجزائري بشكل عام ليس منطق الفكرة وإنما منطق العمل والحركة، فالفرد الجزائري لا يفكّر لكي يعمل، بل ليقول كلاما مجرّدا، بل الأدهى من ذلك قد يبغض الذين يفكّرون تفكيرا مؤثّرا في محيطهم، لسبب بسيط حسب رأيه، أنّ ثقافتنا لا تعرف مثلها العليا بعد، وفكرتنا لا تعرف التّحقيق.
طرح بن نبي يعكس حالنا اليوم في الكثير من أبعاده، بالأخص والجزائر تواجه تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية تتطلّب منّا أن نكون أكثر جدية في الطّرح وفاعلية في التّطبيق.
وفكرة بن نبي على بساطتها إلاّ أنّها قد تكون منهاجاً حقيقيّا للانطلاق، والمنطق العملي يعني الرّبط بين الفكرة ومقاصدها وطرق تنفيذها، والاستغلال الأمثل للقدرات المتوفّرة.
عرفت الجزائر هذه الأيّام انتخابات تشريعيّة قد تفرز واقعا سياسيا جديدا، وبغض النّظر عن ظروفها أو من سيفوز فيها ومن قاطعها أو شارك فيها فلكل مبرراته وأسبابه، إنما ما نحتاجه اليوم ليس مزيدا من الخطب السياسية الرنّانة لأنّ حالنا لن يتغير بكثرتها، أو التّصريحات السّاذجة كما شهدناه وسمعناه أثناء الحملة الانتخابية، وحتى بعدها من طرف بعض رؤساء الأحزاب.
واقع الحال يقول إنّنا اليوم بحاجة إلى بدء العمل والتّوقّف عن تقديم مزيد من الكلام والوعود، فلا ينبغي للجزائر الجديدة أن تبقى مجرّد شعارات نتغنّى بها في كل مناسبة بدون تجسيد فعلي لهذا الشّعار، مع قطع الصّلة مع الممارسات السّابقة التي جعلت المواطن يفقد الثّقة في مؤسّسات الدولة، فمنطق التّغيير يحتاج إلى إرادة سياسية واجتماعية حقيقية بمنطق ﴿إنّ الله لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم﴾.