تلوح في الأفق بعد التشريعيات، تحديات مصيرية، تتعلق بإنعاش الاقتصاد وإعادة تنشيط مختلف دواليبه من جذب للاستثمار وتحسين للأداء في قطاعات حيوية وإعادة ضبط أدوات النظام المالي، خاصة إعطاء روح لبورصة الجزائر باعتبارها مفتاح الإصلاحات.
يمكن الاختلاف في التصوّرات والرؤى، لكن لا يمكن ذلك في مجال تحمله أرقام ومؤشرات لا تقبل الجدل، بقدر ما تحتاج إلى قراءات دقيقة وتحاليل معمّقة لفرز الأوراق الرابحة ومن ثمة حسن استخدامها في أسواق محلية وإقليمية لغتها العمل والمبادرة.
المجلس الشعبي الوطني المقبل ينتظره عمل كبير على مستوى التشريع، من خلال رصد الاختلالات واقتراح الحلول وفقا لما يتطلبه الوضع لتحصين السيادة الاقتصادية، مع ترقية المناخ الاستثماري قصد الرفع من معدل الاستثمار المباشر خاصة الأجنبي عبر إرساء أرضية قانونية لشراكة عادلة وشفافة ترتكز على المبادرة وتكافؤ الفرص.
هي المعركة القادمة التي تتطلب تجنّد كافة الشركاء حول مسار الإنعاش الاقتصادي بكل فروعه، خاصة تلك التي تملك فيها البلاد أكبر الفرص لإنجاز التحول أبرزها الفلاحة والسياحة والطاقة المتجددة. ولكن الأكثر جدوى، إعادة بناء سوق مالية جذابة للادخار وتعزيز جسور الشراكة مع الجامعات بتوظيف عقلاني لتجربة مواجهة وباء كورونا بالابتكار العلمي.
حقيقة بعد اجتياز منعرج الموعد السياسي، ينبغي إدراك مدى ضرورة التصدي لتداعيات الأزمة المزدوجة الصحية والمالية، عن طريق تنمية مسارات حلول لا تتحمل الانتظار، بتعميق مقاربة اقتصادية شاملة ومتكاملة يتم خوضها في الميدان، حيث يتم تجسيد منظومة المواطنة الاقتصادية بترشيد الموارد وصرامة إدارتها بمعايير علمية، مع توزيع للوظائف حسب القطاعات تقودها كفاءات مشهود لها بنظافة اليد وصدق العمل، قيمة يرتقب أن تسود الغرفة السفلى.
وتوجد قطاعات عديدة وصلت إلى حد الاختناق تتطلع للعودة إلى السوق، بالتكيف مع مقتضيات الوقاية من الوباء لإدراك النجاة من حالة ضياع تعصف بالجهاز الإنتاجي وبمناصب العمل، أمر يقع على عاتق المشرع المقبل لتأمين مكاسب تحققت بالعرق والتضحيات وتنمية الفرص لإنجاز وعود ما أنزل الله بها من سلطان في توفير حالة رفاهية لن تتحقق سوى بالعمل وحده ضمن قواعد العدل وتكافؤ الفرص وقضاء مبرم على الفساد بكل أشكاله.