تصريح الرئيس ماكرون لوسيلة إعلامية فرنسية، كان هدّد فيه بسحب العساكر الفرنسيين من مالي والساحل، في حال وصول ما أسماه قوى راديكالية إسلامومية إلى السلطة، في واحدة من بلدان الساحل، ما هو في واقع الأمر إلاّ منفذ لخروج يحفظ لباريس ماء الوجه، بعد الفشل الذريع الذي انتهت إليه عمليات «برخان» في الساحل التي تضم 5100 عسكري فرنسي، لأنّ هذه الأخيرة لم تستطع القضاء على الجماعات الإرهابية، التي أرسلتها باريس لمحاربتها، بينما مازالت هذه القوات نفسها عرضة لاعتداءات تلك الجماعات؟
ما لم يقله ماكرون، هو أن التهديد بسحب القوات الفرنسية ليس بسبب الانقلاب العسكري ولكن لعوامل أخرى كثيرة، أوّلها تنامي الشعور الرافض للتواجد العسكري الفرنسي في كل دول الساحل، وما المظاهرات التي شهدتها باماكو نجامينا وغيرها من العواصم الإفريقية إلا دليل على الاحتقان المتزايد ضد هذا التواجد، الذي استغلته الجماعات الإرهابية لشرعنة خطابها بدعوى «الجهاد» المزعوم. يضاف إلى ذلك، تزايد رفض الشارع الفرنسي والمعارضة الداخلية لإرسال عسكريين فرنسيين في مهام قتالية في الخارج.
وقد كانت العاصمة باريس مسرحا لمظاهرات طالبت بعودة العساكر الفرنسيين إلى عائلاتهم ورفض تمويل الحروب من أموال دافعي الضرائب.
العبء المالي لعملية «برخان»، الذي قالت وسائل إعلام فرنسية إنّها تكبّد الخزينة الفرنسية مليار أورو سنويا وأن هذا المبلغ ارتفع العام الماضي، بحسب هذه التقارير دائما، إلى 1,46 مليار أورو والرقم مرشّح للارتفاع خلال العام الجاري 2021؛ عبء سرّع هو الآخر من قرار محتمل قد يتخذّه ماكرون بسحب القوات الفرنسية من مالي أو على الأقّل التقليل من تعدادها وكل ما قاله ماكرون ما هو إلاّ مشجب يعلّق عليه الهزيمة.