أولت السّلطة الانتقالية في مالي اتفاق المصالحة الموقّع في الجزائر قبل ست سنوات صدارة أولوياتها، ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة التي احتفظ فيها الجيش بالحقائب الرّئيسية، ومن بينها وزارة المصالحة الوطنية التي تعتبر ركيزة أساسية في قلب سياسة السلطة الفعلية بقيادة الوزير الأول شوغيل كوكالا مايغا، المنتمي لأكبر حزب معارض في البلاد.
تحمل الحكومة الجديدة رسالة طمأنة قويّة للقوى الإقليمية، وفي مقدّمتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، التي دعت الرّئيس الانتقالي آسيمي غويتا إلى الحفاظ على اتفاق المصالحة الموقّع بالجزائر في 2015، كونه ضمانة قويّة لاستمرار تماسك البلاد أمام دعوات الانفصال بإيعاز من جهات أجنبية تسعى لاستهداف المنطقة عبر أجندات مختلفة.
لكن إعلان الوزير الأول المالي عن حكومة انتقالية جديدة، تتكون من 28 عضوا، احتفظ فيها الجيش بالحقائب الرّئيسية مثل الدفاع والأمن والمصالحة الوطنية، قطع الطريق أمام دعاة الانفصال والأطماع الاستعمارية، ونصّ المرسوم الرئاسي المعلن عن الحكومة، على تولي أحد منفّذي انقلاب أوت 2020 وهو ساديو كامارا حقيبة الدفاع، وكان إبعاده من الحكومة نهاية ماي الماضي من طرف الرّئيس الانتقالي السابق باه نداو، أحد الأسباب التي أدت إلى الانقلاب الثاني الذي نفّذه الجيش خلال 9 أشهر.
ولما يمثّله اتّفاق الجزائر من أرضية صلبة في سياسة المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار مالي، احتفظ اسماعيل واغيه الذي شارك بدوره في انقلاب أوت بحقيبة المصالحة الوطنية، ويكون الوزير الأول بهذا التوجه قد رسم خارطة ما تبقى من طريق المرحلة الانتقالية وفق أرضية تشاور واسعة مع كل الأطراف المعنية.
ومن بين أعضاء الحكومة، العضو البارز في حركة 5 جوان إبراهيم إيكاسا مايغا، الذي تولّى حقيبة إعادة تأسيس الدولة،
ووصف الوزير الأول، حكومته بأنّها “منفتحة” و«جامعة”، باعتبارها قد تمخّضت من الإرادة الشّعبية التي دعّمت المعارضة بقوة غداة الإطاحة بالرئيس كيتا. ولتفادي الإقصاء عاد عبد الله ديوب الذي شارك في حكومة الرئيس كيتا، وزيرا للخارجية في إشارة قوية للتمسك بالمصالحة الوطنية.