يتطلع الشعب الليبي لإدراك برّ الأمان وإنهاء ما خلفته الأزمة الأمنية والسياسية بتوافق شامل بدأت ترتسم معالمه في الآونة الأخيرة، أمر يتطلب تضافر جهود الإخوة الفرقاء لإنجاز الوثبة الأخيرة عبر استكمال المسار السياسي من بوابة الانتخابات المترقبة نهاية السنة الجارية.
غير أن هناك أطراف إقليمية ومن ورائها قوى نافذة، بعضها متورط في اندلاع الأزمة قبل حوالي عشر سنوات، تتحين الفرصة لإعاقة تقدم عجلة الحل السياسي الذي يترقب الليبيون نتائجه، أملا في استرجاع الاستقرار التام واستئناف وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومن ورائها مواكبة التطور التكنولوجي، بما يفتح المجال واسعا أمام الكفاءات في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا.
لماذا يسعى البعض إلى ترحيل الملف، في وقت يجد فيه الأطراف المعنية الأرضية الملائمة في الجزائر لصياغة ورقة طريق الخروج من النفق، يصيغها الليبيون في كنف الهدوء والطمأنينة، محاطين بكل الشروط المطلوبة لتجسيد التطلعات المشروعة، بحيث تكون الإرادة حرة وسيّدة لا يمكن التأثير عليها بأي شكل من الأشكال، انطلاقا من قناعات الجزائر بإرادة الشعوب ورفض مبدئي للتدخل في شؤون الغير.
لقد طال أمد الأزمة ولم يعد بمقدور الشعب الليبي تحمل مزيد من التداعيات ومن ثمة يستعجل الحل للانتقال من وضع اللاإستقرار بكل ما يعنيه من خطر على الأمن والوحدة إلى وضع أفضل يفتح آفاقا عريضة أمام الأجيال الجديدة المتمسكة بماضيها ووحدة أراضيها وأيضا حقوقها في التنمية بمفهومها الشامل، بحيث يتم توظيف ثروات البلد لصالح الشعب الليبي الذي يأبى أن يكون تحت أية وصاية أو نفوذ.
من هذا المنطلق، فإن ما يحاك حول القضية من جهات إقليمية يزعجها موقف الجزائر المرافق للحل الدبلوماسي للأزمة في البلد الجار والشقيق، يعكس مدى الأنانية في التعاطي مع وضع بدأ يجد طريقه للحل ويجب أن يستكمل حلقات الخروج من النفق، بعيدا عن الوقوع في مخططات ترحيل ملف الأزمة التي وجدت معالم انفراجها على مستوى محور الجزائر- برلين، كل اتجاه خارجه يكون مضيعة للوقت وتبديدا للجهد.
لقد اطمأنّ الأشقاء الليبيون للمناخ الذي توفره الجزائر وكل الضمانات لإتمام تعافيهم من تداعيات تدخلات أجنبية تزيد من مضاعفات الأزمة وتعيق شفاء جرح لم يكن ليستمر نزيفه كل هذه السنوات بكلفة لا يقدرها سوى من اكتووا بحرب ملعونة لم يعد لها مبرر اليوم وقد لاح في الأفق بصيص أمل يعيد كل الليبيين إلى حضن الوطن.