الكلام عن مكانة ومستوى الجامعة الجزائرية يقود للحديث عن المرتبة التي تحتلها على المستوى العالمي، حيث تبقى من بين الجامعات التي تتذيل جدول الترتيب، إذ لم يكن عبثا أن تغيب جامعات الجزائر عن تصنيف شنغهاي الصادر عن جامعة جياوتونغ الصينية لأحسن 500 جامعة للعام الثامن عشر على التوالي.
لم تُحظ أيّ من الجامعات الجزائرية بأيّ ترتيب ضمن 500 جامعة الأولى عبر العالم منذ سنة 2003. ويرجع ذلك إلى عدة مشكلات داخلية تواجهها الجامعة الجزائرية حالت دون قدرتها على مواكبة التطورات المعاصرة في تحقيق نوعية التكوين بتطوير الطاقة الإبداعية لدى الطلبة، وتطوير البحث العلمي وإنتاج المعرفة لدى الأساتذة، وكذا إلى مجموعة أسباب متفاوتة ومسؤولية تتقاسمها أطراف عدة كالطالب، والأساتذة، والإدارة.
المتتبع لحال الجامعة، يدرك أنّ الطالب يتحمّل جزءا من هذه المشاكل والمعوّقات بصفته طرفا هاما في المعادلة، كيف لا والرغبة في الدراسة لا توجد اليوم لديه كما أنّ روح المنافسة بين الطلبة أصبحت مفتقدة. وجزء آخر يتحمّله الأساتذة باعتبارهم طرفا كذلك في ما آل إليه حال الجامعة، حيث أصبح انشغال الباحثين بالصراعات والنزاعات من أجل مصالح شخصية ومادية ضيّقة، بدل المنافسة العلمية في التأليف والنشاط العلمي والثقافي.
تتحمّل الإدارة هي الأخرى جزءا هاما فيما آلت إليه حالة الجامعة، حيث تخلت عن وظائفها ومسؤولياتها ومثال ذلك أزمة نوعية التكوين، الذي تهدّده الغيابات عن الدراسة من قبل الطلبة والتدريس من قبل الأساتذة، حتى أصبحت السنة الجامعية مختصرة في مجموعها في ثلاثة أشهر عمل فعلية للكثير كأقصى تقدير. نقطة أخرى تجدر الإشارة إليها، هي حال المخابر الجامعية، التي يفوق عددها 1400مخبر بحث في جميع التخصصات، لكنّ الحقيقة المؤلمة أنّ أغلبها لا تقدم المطلوب، سوى التنافس في تقليد تنظيم ملتقيات نظرية، ما يثير التساؤل حول جدوى التمويلات، موارد يمكن توجيهها لمراكز بحث متخصّصة تنتج المعرفة وتساهم في الاقتصاد.